السبت 1 يونيو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
لغة الجينات 44

لغة الجينات 44

«الفاشل» فى الظاهر شخص لا يمتلك أى مهارات أو قدرات أو موهبة.. وفى الباطن يمتلك جينات خبيثة مرعبة وقادرة على تحطيم أى نجاح لأى شخص.. يحمل بداخله أحقادًا تكفى العالم كله.. ينشر الإحباط والقلق والتوتر والكراهية فى كل من حوله.... يشعر أنه أفضل البشر، والمفروض أن يعيش أفضل الحالات سواء فى الحياة أو فى الوظيفة.



«الفاشل» فى الظاهر يرفع راية المظلومية ودائم الشكوى من حقد الناس عليه وخيانتهم له  رغم مد يده لهم دائما بالخير.. وفى الباطن يشعر فى قرارة نفسه بأنه فوق الانتقاد، فوق الخطأ... فوق المساءلة والمحاسبة.. لا يتوقف عن انتقاد الآخرين، فالآخرون فى نظره كلهم أخطاء متراكمة، لا يعرفون شيئا ولا يرقون إلى  مستوى ذكائه ومواهبه الفذة الفظيعة.

أخطر من الفاشل.. جمعية حماية الفاشلين.. الجمعية التى تدافع عنهم وتقربهم وتحميهم وتعطيهم المزيد والمزيد من المناصب . «جمعية حماية الفاشلين» فى الظاهر ترفع راية التمسوا له العذر.. ساعدوه.. أقفوا جنبه.. أعطوه فرصة تانية وتالته ورابعة.. الولد مخلص ومؤدب وكتوم ومطيع... وفى الباطن هذه الجمعية السرية تحافظ على نفسها ومكاسبها ومناصبها فى الأساس.. فأعضاؤها من أصحاب الجينات الخبيثة لا تريد ظهور أى مواهب أو كفاءة... تريد استمرار عديمى الكفاءة والفشلة.. ليستمروا هم الملهمون العباقرة الأفذاذ.

«أصحاب الجينات الأصلية» فى الظاهر كما فى الباطن.. لا يعرفون الحقد والكراهية والفشل.. وهم أكثر من يتضرر ويلاقى الأمرين من التعامل مع الفشلة.. يرحبون دائما بالكفاءات والموهوبين.. يفتحون أمامهم أبواب الرزق والسعادة.. يأخذون بيدهم ويضعوهم على بداية الطريق الصحيح ويفرحون لنجاحهم ويفخرون به.

«كمال الطويل» واحد من أشد الموهوبين أصحاب الجينات الأصلية.. وقف بجوار الكثيرين وعانى كثيرا من أصحاب الجينات الخبيثة... استطاع مجدى العمروسى أن يوقع بينه وبين أم كلثوم ويحرمه من التعاون معها بحيلة بسيطة.. فى الظاهر كان العمروسى يتقرب من الطويل بالحكاية ويقنعه أنه يحبه ويخاف عليه ويريد له الخير.. وفى الباطن كان بينفذ مخططًا وضعه مع عبدالحليم حافظ حتى لا يقترب الطويل منها ويلحن لها.. مخططًا يريده أن يظل أسير عبدالحليم ولا يلحن إلا له .

«العمروسى» فى الظاهر جاء ناصحا لكمال الطويل.. وقال له إن الست يقصد «أم كلثوم» تنتقده لسفره إلى أوروبا.. وفى الباطن كان المخطط يسير فى طريقه المرسوم.. فقبل السفر  طلبت أم كلثوم من كمال الطويل أن يلحن لها أغنيتين.. إحداهما «لسه فاكر» للشاعر عبدالفتاح مصطفى والثانية لبيرم التونسى.. وأخد الطويل الكلمات وسافر فى إجازة مع زوجته إلى أوروبا.

«العمروسى» قال لكمال الطويل إنه حضر عشاء فى منزل مصطفى أمين وجاءت أم كلثوم وزوجها الدكتور حسن الحفناوى وفضلت طول العشاء تتحدث عنه وكيف سافر إلى أوروبا ليتفسح هو وزوجته فى وقت الشعب كله يعانى ويعيش حياة قاسية.. وزعم العمروسى أنه رد غيبته وقال لها زى ما حضرتك بتسافرى وتتفسحى وأنها «أم كلثوم» وقعت المعلقة من يدها واتكتمت طوال الجلسة... الحكاية الملفقة وبحسب كمال الطويل نفسه كانت كفيلة بإنهاء علاقته بالست ورفضه التلحين لها.

«كمال الطويل» فى الظاهر ملحن كل الاغانى الوطنية التى نتغنى بها حتى الآن ومنها أغنية صورة.. وفى الباطن تم منعه من السفر بإيعاز من عبدالحليم حافظ وقرار من شمس بدران أقوى رجال عهد عبدالناصر ليلحنها.

بعد هزيمة يونيو 1967 قرر «الطويل» التوقف عن تلحين الأغانى الوطنية لصدمته فى الأحلام الكبيرة التى انهارت وصورة الزعيم التى تغيرت.. ورفض بالفعل تلحين أغنية «صورة» التى كتبها الشاعر صلاح جاهين.. ولسوء حظه ذهب مشحوناً إلى عبدالحليم حافظ وكان عنده فى البيت شمس بدران.. يقول الطويل فى أحد البرامج الإذاعية عن هذا الموقف: قلت  له لن ألحن الأغنية.. وفوجئت به يقول لى: يعنى ايه مش هتلحنها؟ قلت له وأنت إيه علاقتك بالموضوع أنا معنديش مزاج ألحن؟.. فقال لى: تصور بقى أن أغنية السنة اللى الريس والشعب مستنيها هاتبقى تحت رحمة أن لك مزاج ومالكش مزاج، قلت سأسافر مع عائلتى، فقال أجل سفرك بعد تلحين الأغنية فرفضت تأجيل السفر».

واستطرد: «لما كنت بطبعى سريع الانفعال خرجت وذهبت إلى الأستاذ محمد التابعى وحكيت له فقال لى: يا خبر أبيض أنت متعرفش مين هو شمس بدران.. ده أخطر رجال الحكم فى مصر.. وفى صباح اليوم التالى فوجئت بقرار منعى من السفر أنا وزوجتى فعلمت أنهم عملوا اللازم، توجهت إلى وزير الداخلية فقال إنه لم يصدر القرار وتوجهت إلى عبد القادر حاتم وزير الإعلام فقال لى إنه لا علاقة له بالموضوع لكن قال اسأل عبدالحليم».

واختتم الطويل حواره قائلا: «علمت أن عبد الحليم قال لشمس بدران إنه إذا لم يلحن الطويل الأغنية فلم أغنيها، فى اليوم التالى اتصلت بعبد الحليم وقلت له إننى سألحن الأغنية».

اتعظوا واستفيقوا واحذروا من الفشلة أصحاب الجينات الخبيثة من فى الظاهر لطاف وهاديين ودودين.. ناعمين كالأفعى، وفى الباطن لا يملكون أى قدرة أو مهارة، أو موهبة ولا يعيشون  إلا فى حماية جمعية حماية الفاشلين.

احذروا من «جمعية حماية الفاشلين»، من فى الظاهر يقدمون خيرا بمساندة غير الأكفاء.. وفى الباطن أحبوا الكسل والاسترخاء والترهل العقلى والبدنى، يحافظون على مناصبهم بالمزيد من الترقيات والمناصب للفاشلين.