السبت 19 يوليو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
«البهنسا».. البقيع الثانى

«البهنسا».. البقيع الثانى

كُتاب التاريخ هم فى المقام الأول حراس الحضارة يوثقون تراث الإنسانية حفظًا من الطمس والضياع.. تحدثت فى مقالى الأسبوع الماضى عن تطوير القاهرة التاريخية ومنطقة جبانة مصر الكبرى وبالتحديد قرافة المقطم أو «بقيع مصر» كما يطلق عليه الكثيرون من أهل مصر خاصة أهل التصوف وكتبة السير التاريخية وعلماء التاريخ الإسلامى.. الحقيقة أن بعض الأصدقاء من داخل مصر وخارجها طالبونى بأن أكمل فى الكتابة التاريخية وأن ألقى الضوء على عدة أماكن تاريخية تعتبر من التراث الإنسانى والإسلامى وتتعلق بفتح العرب لمصر وأفضل ما قرأت منذ أكثر من عشرين عامًا وكنت وقتها  فى الجامعة، مرجعًا تاريخيًا مهمًا بعنوان «فتح العرب لمصر» للمستشرق الإنجليزى الفريد جى بتلر وقد ذكر هذا المؤلف بالتفصيل المواقع الحربية والعسكرية بين العرب والرومان.  



هذا الكتاب الضخم يقع فى خمسمائة صفحة وله  قيمة خاصة كما يقول المؤرخ الكبير محمد فريد أبوحديد الذى ترجم هذا الكتاب إلى العربية: إن تاريخ العرب وفتوحاتهم إلى الآن لم تكتب باستفاضة إلا فتح العرب لمصرللراحل الفريد بتلر، حيث  رجع المؤلف إلى أسانيد القبط والأرمن والسوريان واللاتين وغيرهم، كما رجع إلى مؤلفات العرب فكانت نظرته من جوانب متعددة، ولهذا نراه أقرب إلى التمحيص وأحرى بأن يكون قد أصاب القصد..  انتهت شهادة المؤرخ الكبير أبوحديد وأنا أرى أن هذا المستشرق من أفضل المؤرخين والمستشرقين العاشقين لهذا الوطن. 

الشاهد أننى مطالب من الكثيرين بالكتابة والتعمق أكثر فى تاريخ مصر الإسلامية وتسليط الضوء على بعض المناطق التى استشهد فيها جنود الفتح العربى لمصر وتخليص مصر القبطية من الرومان وعلاقة المحبة بين قبط مصر والمسلمين القادمين من شبه الجزيرة العربية. 

من هذا المنطلق الحديث موصول عن بقيع مصر الثانى فى محافظة المنيا وتحديدًا منطقة «البهنسا» والتى استشهد فيها عدد كبير من الصحابة وهذه المنطقة إذا ما تم تطويرها والاهتمام بقبابها التى أوشكت على السقوط والانهيار من الممكن أن تصبح مزارًا تاريخيًا وسياحيًا يجلب الكثير من الدخل لمحافظة المنيا.. هذه الأماكن لها محبون ومريدون كثر من مصر وخارجها يعشقون سير الأولين من صحابة رسول الله الذين تركوا الدنيا وما فيها لنشر سماحة الإسلام والدفاع عن الإنسانية فى مشارق الأرض ومغاربها. 

يكفى أن أذكر لكم بعض هؤلاء الشهداء   ممن يرقدون فى «البهنسا» زياد بن أبى سفيان بن الحارث بن عبدالمطلب الهاشمى، سليمان بن خالد بن الوليد، محمد بن عبدالرحمن بن أبى بكر الصديق، الحسن الصالح بن على زين العابدين بن الحسين بن على بن أبى طالب، محمد بن عقبة بن نافع الفهرى القرشى، صاغر بن فرقد، عبدالله بن سعيد، عبدالله بن حرملة، عبدالله بن النعمان، عبدالرزاق الأنصارى، عبدالرحيم اللخمى، أبوحذيفة اليمانى، أبوسلمة الثقفى، أبو زياد اليربوعى التميمى، أبوسليمان الدارانى، ابن أبى دجانة الأنصارى، أبوالعلاء الحضرمى، أبوكلثوم الخزاعى، أبومسعود الثقفى وغيرهم الكثير من الصحابة الأوائل والذى يصل عددهم طبقًا لكتب السير سبعمائة شهيد.. هذا الوطن كله كنوز تحت الأرض وفوقها تحتاج إلى الإخلاص وإلى إنكار الذات وإلى مراعاة الله عز وجل فى كل شىء.. تحيا مصر.