المستقبل فى ظل الرقمنة 2-2

مستقبل الثقافة والفنون لن ينجو من طوفان الرقمنة إلا قليلا.. يمكن لنا أن نستشعر تأثير المذياع ثم التليفزيون والقنوات الفضائية فى انحسار الحفلات العامة والذهاب إلى دور العرض والمسارح وخلافه.. ما تأثير المستقبل على العازف والمطرب أيضا.. هل ستكون الحفلات الجديدة من تأليف وتلحين وعزف وغناء روبوتات ويتم نقلها من خلال شبكات الاتصالات إلى أجهزة المشاهدين كل فى مكانه...ربما يكون مطرب الجيل القادم إنسانا أليا يعشقه البشر والآلات الأخرى أيضا... الأمر نفسه يسرى على الأعمال الدرامية أيضا...ماذا عن تقنيات الهولوجرام والتوسع فيها فنرى حفلات غنائية لعبده الحامولى وسيد درويش ومحمد عبد الوهاب وعبد الحليم حافظ وغيرهم...نفس الأمر فى عمل أفلام سينمائية جديدة بنجوم رحلوا فنرى فيلما كوميديا جديدا بطولة الفنان إسماعيل ياسين أو فيلما رومانسيا بطولة عمر الشريف أو الممثل الإيطالى رودلف فالنتينو المتوفى عام 1926 أو جيمس دين المتوفى عام 1955؟.

ماذا عن الروايات والأعمال الأدبية هل سيستمر الكتاب الورقى أم سيتحولإالى صورة رقمية بالكامل وأيضا هل سيتم استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعى لإنتاج أعمال أدبية جديدة بأسلوب الكتاب الكبار الراحلين أمثال عباس محمود العقاد ونجيب محفوظ وليو تولستوى وفيكتور هوجو؟.. الأمر نفسه بالنسبة للمقطوعات السيمفونية العظيمة لبيتهوفن وباخ وغيرهما.. أمر مشابه فى اللوحات الفنية لبيكاسو وفان جوخ ورامبرانت.

هل ستختفى الأسواق المادية لكافة السلع الكبيرة والبسيطة ويتم استبدالها بأسواق افتراضية بالكامل مع اختفاء للعملة الورقية والمعدنية أمام العملات الإلكترونية والمشفرة وكذا أيضا اختفاء البنوك التقليدية واستبدالها بالبنوك الرقمية حيث لا مقر للبنك الا مجموعة من المنصات الرقمية المؤمنة.

ماذا عن العطور والأزياء والأطعمة المختلفة هل سنزال محصورين فيما ينتجه البشر بناء على أذواقهم الخاصة وأذواق مجموعة محدودة من المساعدين لهم أم سيتحرر المستهلك من تلك القيود فيستطيع تصميم ما يريد من تركيبات للعطور أو أزياء أو أطعمة وتصله جاهزة إلى بيته...ايضا هل ستتدخل تقنيات الذكاء الاصطناعى فى ابتكار عطور وملابس وأطعمة جديدة مبتكرة بناء على التفضيلات السابقة للمستخدمين ويتراجع دور مصمم الأزياء وخبير العطور وخبراء إعداد الأطعمة.

ماذا عن حروب المستقبل هل سيظل جزء منها يعتمد على الأسلحة والذخيرة أم سيتحول إلى حروب سيبرانية بالكامل فتقوم دولة بالإغارة على انظمة دولة اخرى لتدمرها او لتحتلها لتحقيق مكاسب خاصة...هل ستتراجع دوائر الأمن القومى بمفهومها الحالى لتفسح المجال لدوائر أمن قومى سيبرانية جديدة.

اعرف جيدا أن البعض يقاوم هذا التغيير تماما والبعض يقلل من حجمه وتأثيره على المستقبل على الاقل فى المدى القريب ولكن اسئلة مثل تلك التى طرحت جديرة بالنظر والدراسة عند إعداد تصورات لمستقبل الرقمنة فى العالم القادم الجديد.