الإثنين 20 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
لغة الجينات 46

لغة الجينات 46

لو ضحكنا من قلبنا بنقول «اللهم اجعله خير» فى الظاهر بنكون سعداء وفى الباطن خايفين!



«الخوف» غريزة... والتخويف ثقافة تغرس فى النفوس، وبعض الناس يتملكهم التخويف طيلة حياتهم، يسيطر عليهم، يقودهم حيثما يشاء.

«التخويف» على مدار التاريخ سيطر على عقول الملايين من البشر صبغ حياتهم بلونه.. فأصبحنا نخاف على أنفسنا ومن أنفسنا ونخاف من الأفكار.. ونخاف من الأشياء..ونخاف من الناس.. ونخاف حتى من الفرح والسعادة.!

« أصحاب الجينات الخبيثة» يلجأون لأساليب ممنهجة وفى منتهى الذكاء لزرع ثقافة الخوف  بداخلك وفى نفوس كل من يتعاملون معهم.. فى الظاهر يبدأ وضع السم فى العسل بحكايات لطيفة، صداقة واقتراب زائف منك.. آمال عريضة ومستقبل مبهر فى الانتظار.. تحديات وأحلام وطموحات قابلة للتنفيذ.. الاستخدام المكثف لمقولات مثل الكل يكرهنا.. إننا مستهدفون.. المؤامرات تحاك ضدنا ليل نهار  لأننا ناجحون.. وفى الباطن  تشويه سمعة كل من يخالفهم الرأى، المبالغة، والتضليل فى الإمكانيات .

ولا يهدأ لهم بال إلا بعد أن تصبح مسكونا بالخوف ليظل  يطاردك فى كل شىء، ومن أى شىء، بصرف النظر عن مصدره، أو قربه منك، أو بعده عنك.

«أصحاب الجينات الأصلية» فى الظاهر قد يترفعون عن مواجهة أصحاب الجينات الخبيثة مروجى ثقافة التخويف، لكن فى الباطن هم الشوكة الحقيقية فى الزور.. يستطيعوا مقاومة مشاعر الخوف.. يمنعوه من التسلل إلى أعماقهم والسيطرة عليهم... يظلوا نقطة النور التى تنير الطريق وتكشف الزيف... ممكن يدفعوا حياتهم كلها ثمنًا لعدم سيطرة الخوف عليهم.

«بهيجة رشدى» امتلكت  جينات أصلية عظيمة جعلتها تقف فى وجه الخوف والظلم حتى آخر يوم من حياتها... فى الظاهر لا نعرف عنها سوى دور شهير فى فيلم ليلة الدخلة مع إسماعيل ياسين وحسن فايق.. حيث قدمت دور الفتاة الدميمة «سوسو» ابنة المعلم الخرطوشى «عبدالفتاح القصرى» التى تزوجت بالخطأ.. وظل والدها يطارد العريس الذى هرب ليلة الدخلة خوفا من شكلها،ودور آخر أقل شهرة فى فيلم  يا حلاوة الحب مع محمد فوزى ونعيمة عاكف.. وفى الباطن  دافعت عن شرف أختها من تحرش بلطجى ووقفت بشجاعة فى وجهه ورفضت الاستسلام للخوف حتى وهو يقتلها.

«بهيجة» فى الظاهر دميمة الوجه.. وفى الباطن تمتلك ما لا تمتلكه ملكات جمال.. تمتلك عزة النفس والقلب المطمئن والقدرة على قول لأ.

«بهيجة» فى الظاهر كوميديانة عظيمة  لو ظهرت فى أيامنا هذه تربح الملايين.. وفى الباطن فتاة أصيلة تشقى وتتعب على 10 أخوات بنات تركهن لها أبوها الذى تزوج كثيرا على أمل إنجاب ذكر واحد.. فتفرغت لتربيتهن وتعليمهن وقبلت أن تقوم بأى عمل من أجلهن.

«بهيجة» فى الظاهر بنت ضعيفة حاول بلطجى فى الشارع الذى تعيش فيه أن يفرض سيطرته عليها ويجبرها أن تزوجه من إحدى شقيقاتها والتى منحها الله جمالًا أخاذًا.. وفى الباطن امتلكت قوة أن تقف فى وجهه وتقول له لأ.. لن تتزوج شقيقتى وسأزوجها من الشاب المتعلم الفقير الذى تحبه.

«بهيجة» فى الظاهر والباطن كانت نفس الشخصية.. جيناتها الأصلية أعطتها القوة لترفض 1000 جنيه مهرًا من البلطجى.. وتوافق على زواج شقيقتها الجميلة ممن تحبه،وتذهب باكية إلى سليمان بك نجيب وتحكى له حكايتها فيعطيها الـ 100 جنيه لتكمل عملية الزواج.

«بهيجة» فى الظاهر عادت حاملة الـ 100 جنيه..طايرة من السعادة.. أخيرا هتحقق حلم أختها فى الزواج من الشاب الطيب... وفى الباطن وقف لها البلطجى  ومعه المأذون فى الشارع ليجبرها على تزويجه من أختها..رفضت وصفعته بالقلم فكان الجزاء القتل.. لتسقط صاحبة أجمل قلب دفاعا عن أسرتها.. رافضة أن تستسلم للخوف.. سالت دماؤها وفى يدها مهر شقيقتها.

«بهيجة» فى الظاهر ماتت، وفى الباطن عاشت فى قلوب الجميع... شقيقتها تزوجت وأطلقت اسم بهيجة على ابنتها الكبرى والتى تخرجت فى كلية الطب وعملت فى ألمانيا وبريطانيا وأقامت مسجدًا فى القاهرة باسم خالتها «بهيجة» الطيبة.

احذر من أصحاب الجينات الخبيثة ممن فى الظاهر ينشرون ثقافة الخوف والتخويف.. وفى الباطن يلونون حياة الناس بلون الظلم... يريدون أن يتغلغل فى تفاصيل حياتنا اليومية، ونشره، وتعميمه، وإشاعته بفاعلية فائقة وبسرعة مذهلة.

كن من أصحاب الجينات الأصلية.. فى الظاهر والباطن تمتلك القدرة على قول «لا» ارفض التهجين والتدجين والقبول بالأمر الواقع والاستسلام للخوف.