الأربعاء 31 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
الأمور الصعاب

الأمور الصعاب

يقول الكاتب الأمريكى الساخر الكبير مارك توين لقد مررت ببعض الأمور الصعاب فى حياتى ولقد حدث بعضها بالفعل»  وهذا معناه ببساطة أن الكثير مما نفكر فيه من أمور صعبة قد تحدث لنا فى المستقبل لن تحدث على الاطلاق...جميعنا مر بتلك التجربة ويعلم تماما صحة المقولة السابقة ولكن لا يستطيع أن يتوقف عن التفكير فى المستقبل فهل المطلوب أن نتوقف عن التفكير-هذا فى حالة أن كان هذا ممكنا أصلا- أم أن المطلوب ان نعرف كيف نفكر...بدون فلسفة فإن المطلوب منا عمله هو أن نفكر كيف نفكر قبل أن نفكر.



التفكير فعل جميعنا مأمور به فالقرآن الكريم به العديد من الآيات التى تحض على التفكير والتفكر والاعتبار بما جرى والاستعداد لما هو آت وبغض النظر عن قيامنا بالتفكير من منطلق الانصياع للأمر الإلهى أو الاستجابة لشهوة التفكير الانسانية فإن الأمر يحتاج إلى ضبط حتى لا يؤدى بنا هذا التفكير الى الدمار.

فالتفكير مثل كرة الثلج يبدأ بفكرة صغيرة ثم مع الاسهاب فى استعراض جوانبها المختلفة فإن كل جانب يقودنا إلى جوانب اخرى والى متغيرات بعضها نعلمه والكثير منها نجهله مما يجعلنا فى نهاية المطاف أمام كرة مهولة الحجم ثقيلة الوزن علينا أن نحملها على ظهورنا ونمضى فى الحياة فى انتظار لحظة التفكير التالية وفى انتظار حمل الكرة الثانية وهكذا ندور فى دوائر لانهائية من الأفكار والأحمال.

الآثار السلبية لتلك الاحمال كثيرة ومتنوعة منها ما هو نفسى ومنها ما يطول الجسد ويقينا فان ذلك سيؤثر حتما على كل حياتنا ويحيلها الى جحيم مستمر نيرانه مستعرة لا تخبو هنا يجب أن نسأل انفسنا سؤالا فى غاية البساطة يدور حول الفائدة الحقيقية المقابلة لكل هذا الكم من التفكير وهنا نكتشف ان الفائدة ضئيلة جدا وربما لا نجد لذلك أى فائدة على الاطلاق.

يمكن الحل دائما فى طرح هذا السؤال قبل البدء فى التفكير وان نعرف الى أى مدى علينا ترك كرة الثلج لتنمو قبل ان نحملها على ظهورنا وأى منها لا يجب ان نحمله على الاطلاق فعلينا الا نحمل انفسنا اكثر من طاقتنا ولا أن نحمل انفسنا أموراً ليس لدينا أى سيطرة عليها على الاطلاق كما ان الخوف من أمور حتمية الحدوث هو نوع من التعذيب المستمر بلا طائل فلا داعى للخوف من الموت مثلا فهو حقيقة واقعة على الجميع ولكن علينا ان نستعد له ولا نترقب توقيته اما بالنسبة لما نرغب فى حدوثه فى المستقبل فنحن لا نملك الا اللحظة الراهنة والتى اما ان نقضيها فى تنمية كرة الثلج أو نقضيها فى محاولة الوصول الى تلك الاهداف.

علينا الا ننتظر المعجزات كما ان علينا الا نقنط من رحمة الله وفضله كما يجب ان نفرق بين الانتباه والقلق ففى عبور الشارع سيرا على الاقدام  ينبغى الانتباه أثناء الفعل نفسه وليس القلق والخوف من أن تصدمنا حافلة أثناء العبور وفى جميع الاحوال فان العمل من خلال استحضار نظرية الاحتمالات لما قد يحدث فى المستقبل سيريحنا كثيرا فوفاة شخص أثناء تناوله لكوب من الماء لا يجب ان يجعلنا نخشى الموت فى كل مرة نشرب الماء ولكن علينا الانتباه وعدم تجربة تجرع سم زعاف مؤملين فى النجاة من الموت. واختصارا للقول فان ما يجب علينا العمل عليه هو ان نقود افكارنا بعقولنا وليس ان تتحكم فينا الافكار وتقود عقولنا كيفما وأينما شاءت.