الأربعاء 31 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
 الميت والمزيت

الميت والمزيت

تعطلت بنا الحافلة فى ليلة شتاء مطيرة على أحد الطرق الفرعية بصعيد مصر...بعد محاولات فاشلة لإعادة تشغيل المحرك لمحنا ضياء يتلألأ عن بعد... تلفت للصحبة داعيا إياهم لمشاركتى الذهاب إلى حيث الضوء... وجدت تكاسلا وربما خوفا من المشاركة بالرغم من سردى لمجموعة من الإغراءات لتشجيعهم على الإقدام والحركة منها الحصول على دعم لإصلاح المحرك وصولا إلى مجرد الحصول على كوب من الشاى الساخن فلما لم أجد الرغبة للمشاركة تركتهم وسرت وحيدا فى اتجاه الضوء.



بعد عدة دقائق تبين أن الضوء صادر من كشك خشبى صغير يتوسطه شيخ كبير... ألقيت عليه التحية بابتسامة باهتة سائلا إياه المساعدة فى إيجاد متخصص لإصلاح عطل المحرك فأشار إلى للجلوس أولا حيث بدأ فى إعداد كوب من الشاى الساخن  متحدثا إلى شاب بجواره ليقوم بالذهاب إلى حيث توجد السيارة لمعاينة العطل وإصلاحه.

مع أول رشفة من الكوب الساخن سألته عن سبب وجوده بهذا المكان الخالى من البشر فى هذه الساعة المتأخرة مما دفعه إلى الابتسام مشيرا إلى أن لديه ثلاثة من الأبناء يعملون فى مهن حرفية بقريتهم وأنه يتخذ هذا المكان للعمل فى تقديم المشروبات وبعض المأكولات الخفيفة للعابرين.

لفت نظرى نظافة المكان وتنظيمه وشدة العناية بالتفاصيل وهو ما لاحظه فبدأ حديثا مطولا عن إتقان العمل وأهمية حب العمل وإتقانه ثم تطرق الحديث إلى بعض الأنماط من العاملين الذين مر عليهم خلال مسيرته الطويلة حيث وصف بعضهم بالميت أى العامل الذى لا تشعر بوجوده بالمنشأة فلا يقوم بأى عمل فعلى بالرغم من تواجده مشيرا إلى أن هذا النمط منتشر وبالرغم من عدم الفاعلية إلا أنه يشكل مصدرا للإزعاج الدائم حيث يطالب بحقوق غير مستحقة طوال الوقت متذمرا ساخطا.

ثم انتقل إلى نمط آخر من العاملين أطلق عليه «المزيت» مصورا مراوغته المستمرة بشخص عارى الجسد إلا من القليل من الملابس لستر العورة والذى يقوم بدهان جسده بالزيت وعند المواجهة معه أو محاولة الإمساك به فإن المحاولة تبوء بالفشل نتيجة انزلاق الأيدى وصعوبة الإمساك به لكثرة ما على جسده من زيت حيث يستطيع الإفلات من أى محاولة للسيطرة عليه أو توجيهه.

شدد على أن الإنجاز الحقيقى لا يمكن الحصول عليه من خلال الميت أو المزيت بل من خلال الملتزم المتقن لعمله الصريح الذى لا يضع أى اعتبار إلا للعمل والإنجاز وأنه بدون تلك القيم فلا نتائج إيجابية يمكن تحقيقها على الإطلاق... بعد دقائق قليلة عاد ابنه إلى حيث نجلس مبتسما ومعلنا انتهاء المهمة وأن السيارة تعمل بكفاءة...شكرته و سألته عن التكاليف وسبب العطل فابتسم نفس ابتسامة الأب قائلا: إن العطل كان بسبب عدم تثبيت Hحد سلوك الكهرباء جيدا وأن الأمر لا يستحق أى أجر على الإطلاق... بعد محاولات جهيدة أفاد بالمبلغ المطلوب والمستحق وهو ما دفعنى إلى أن أعطيه ضعف ما طلبه... شكرتهما ثم عدت إلى حيث الأصدقاء واستكملنا القيادة فيما كان ينبعث صوت المبدع صلاح جاهين من راديو السيارة قائلا «:علم اللوع أضخم كتاب فى الأرض... بس اللى يغلط فيه يجيبه الأرض... أما الصراحة فأمرها سهل... لكن لا تجلب مال ولا تصون عرض.... وعجبى»

ملحوظة: القصة السابقة خيالية بالكامل وأى تشابه مع أى ميت أو أى مزيت هى مسئولية الميت أو المزيت شخصيًا.