الأربعاء 31 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
 العندليب وأنا

العندليب وأنا

كثيرا ما كنت أتساءل بينى وبين نفسى عن سبب تسمية الفنان الكبير عبدالحليم حافظ بالعندليب الأسمر فكنت ومازلت لا أراه أسمر اللون مقارنة بالفنان أحمد زكى أو بكابتن نادى الزمالك إبراهيم يوسف الملقب بالغزال الأسمر ولكن هذا التساؤل لم يمنعنى من الإعجاب بصوته وأغانيه وأدائه المتميز.



أتذكر إعجابى الشديد بأغنياته فى سنوات الطفولة الأولى والتى تسللت إلى روحى ربما وأنا ربما لم أتم خمس سنوات على وجه الأرض... أتذكر شهر أبريل عام 1976 وأغنيته الشهيرة «قارئة الفنجان»...بالطبع لم أكن أعى معانى الكلمات ولكننى كنت أتوقف كثيرا عند «قفلة» الكوبليه الشهير والذى يشدو فيه قائلا «فحبيبة قلبك يا ولدى نائمة فى قصرٍ مرصود...من يدخل حجرتها، من يطلب يدها... من يدنو من سور حديقتها... من حاول فكّ ضفائرها.... يا ولدى مفقودٌ مفقود».

ما زلت أيضا أتذكر شهر مارس من العام التالى-1977- وطلبى المتكرر لأمى بأن تصحبنى إلى أحد حفلاته... طلب متكرر بإلحاح قابلتنى فيه بالموافقة ولكن بعد أن يعود من رحلة العلاج بلندن…

هكذا قالت لى.... كنت أكرر الطلب بصورة يومية حتى أجابتنى يوما بصوت حزين ونظرة لن أنساها بأن «عبدالحليم مات»... أعتقد أن تلك كانت ثانى مرة أقابل موقف الموت بعد وفاة جدى قبل ذلك التاريخ بثلاث سنوات... مقابلة تلجم الألسن وتقطع حبل أى أمل فى اللقاء مجددا..

بعد ذلك التاريخ بثلاث سنوات -1980- طالعت إحدى الصحف أو المجلات فوجدت رسما كاريكاتوريا لشمعة تحترق وتتقاطر منها نقاط ساخنة من الشمع المذاب مع تعليق لرسام الكاريكاتير قائلا «أى دمعة حزن لا لا لا».

أتذكر بعد ذلك التاريخ بأسبوع أن طلب أحد المدرسين منا أن نقوم بإلقاء نكتة فى إحدى الحصص التى غاب فيها مدرسها الأصلى فقمت وشرحت لهم مشهد الشمعة المحترقة قائلا «أى دمعة حزن لا لا لا»... ما زلت أتذكر ضحك الفصل كله على ما قلت وما زلت أتذكر اندهاشى من ردة الفعل الكبيرة.

بدأت بعد ذلك مرحلة الاستيعاب والطرب لكل ما شدا به هذا الفنان العبقرى...إعجاب لن ينتهى بل يزداد كلما استمعت إلى أى مطرب بعده مهما كان جيدا.

بعد ذلك بسنوات كثيرة وجدت فنانى المفضل الأستاذ أحمد زكى يعلن عن أمنيته فى تجسيد شخصية العندليب الأسمر فى فيلم سينمائى... تلك الأمنية التى تحققت بعد إصابته بالمرض اللعين ومنعته من إكمال الفيلم حيث توفى فى نفس الشهر أيضا مما دفعنى نفسيا إلى العزوف عن مشاهدة الفيلم فمأساة كليهما كانت أكبر من الاحتمال.

تغريدة: يا خالق الزهرة فى حضن الجبل من فوق... لونها ومنظرها آية للجمال والذوق... تطلع وتدبل على دمع الأمل والشوق... لا يدرى بيها ولا يعلمها غير الله... سبحانك... سبحانك... يا ربى سبحانك.