السبت 16 أغسطس 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
 أين علماء النفس؟

أين علماء النفس؟

تطور خطير فى السلوك النفسى لبعض الشباب المصرى بدأ يظهر بدءا من التقاليع الغريبة وقصات الشعر وليس انتهاء بطرق مبتكرة ومكلفة للانتحار على طريقة الهارا كيرى اليابانية.  والانتحار بطريقة الهاراكيرى هو الطريقة المفضلة للانتحار لدى الرجال العسكريين فى اليابان فى حال فشلهم. الانتحار بطريقة الهاراكيرى مؤلم  بطىء  ويقوم به اليابانيون لا لشىء إلا ليظهروا شجاعته وقوة إرادتهم وإيمانهم العميق بالشرف العسكرى. 



وهذا الأسبوع شهد عملية انتحار تذكرنا بالهارى كيرى قامت بها فتاة فى لحظة جنون عندما قادت سيارتها بأقصى سرعة ربما وصلت لمئتى كيلو متر فى الساعة على طريق الجلالة السريع واصطدمت عمدا بشاحنة تسير بينما كانت تسير بعكس طريق السير لتلقى مصرعها بطريقة بشعة ومؤلمة.

هذا الحادث وغيره من من حوادث أصبحنا نسمع عنها باتت تختلف عما مضى من حوادث وعمليات انتحار فى نوعيتها وقسوتها، وبالتالى أصبحت تحتاج إلى تحليل لما طرأ على سلوك الشباب وكيفية معالجته. 

شباب هذه الأيام اضحى أكثر حساسية وأعظم طموحا وارهف وجدانا وهذا يستلزم من الأسر الانتباه إلى أن التطور الذى شهدته مصر خلال السنوات الثلاثون الأخيرة يعادل قرونا من التطور البطىء الذى عاشته الأجيال السابقة والدليل أن الإنجازات التى تشهدها البلاد فى السنوات الأخيرة نقلت مصر من مكان لمكان آخر تماما فى المواصلات والطرق ومستوى المعيشة، ونمط المعيشة ذاته، فى السينما والإعلام والصناعة والزراعة ووسائل الاتصال والمعاملات البنكية وغيرها لذا على الأباء مراعاة ذلك فى علاقتهم بأبنائهم. 

فى الماضى لم تكن فى أى قرية إلا هاتف واحد ومقره بيت العمدة أو مأمور المركز، اليوم يولد الطفل وفى يده موبايل عليه ألعاب وأنشطة بعضها يوسع مداركه وبعضها يساهم فى انحرافه . لماذا يتسارع الانهيار القيمى بهذا الشكل فى المجتمع المصرى؟

الإجابة لابد أن هناك خللا فى المجتمع!

خلل لا يداريه تظاهر المجتمع بالتدين والحج سنويا والعمرة فى كل موسم، وتسمية المحال التجارية بأسماء لأماكن مقدسة، وغلق بوابات المتاجر على مذياع مضبوط على محطة القرآن الكريم، وإذاعة القرآن فى محطات المترو والسكة الحديد، هذا الخلل أصاب المجتمع كله ووصل إلى أعماله الفنية  التى  أصبحت تعلى من القيم المنحطة والالفاظ السوقية على حساب الفن الهادف والقيم الأصيلة 

أصبحت مصر تعانى من غياب الفريضة الأساسية وهى تعليم الطالب والطفل فى المدرسة  القيم الإنسانية، وقد تنبأ احد علماء النفس الأمريكيين بهذا العصر ووصفه بعصر انعدام المعايير وعصر الفراغ أو العصر الذى لا جذور له حيث يفتقد الناس فيه الأمل ويعوزهم وجود ما يعتقدون فيه ويضحون من أجله. 

ويعلل المؤرخ البريطانى انهيار القيم فى أى مجتمع بسبب انهيار قدسية البيت ومكانته لدى الابناء باعتبار البيت والأسرة الركن الأساسى فى المجتمع. 

والحقيقة أو المفاجأة التى أعلنها المؤرخ والعالم الكبير إدوارد جيبون وهو يحلل أسباب انهيار المجتمعات عندما قال إن أحد هذه الأسباب فى المجتمع هو تحول المتعة إلى شكل من أشكال الجنون كما يحدث فى ملاعب كرة القدم!

إذا ما يحدث من انهيار للقيم فى المجتمع المصرى وظهور مثل هذه الجرائم وهذا الانحراف سببه الأول والأساسى انهيار قدسية البيت، لا أحد يسأل من أين أو إلى أين ولماذا حدث هذا مع انشغال الأم والأب بالعمل لتسديد فواتير الرفاهية التى يعيشونها وغير مستعدين للتنازل عنها فغابت القدوة أمام الأبناء مع غياب الأم والأب عن البيت لفترات طويلة.