الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا
من جديد من نحن؟ 2-2

من جديد من نحن؟ 2-2

فى نفس الوقت كان للهوية الفرعونية أنصار كثيرون أثروا بقوة بعد ثورة 1919، مثل جورجى زيدان ومرقص سميكة ومحمد حسين هيكل.



لقد حاول طه حسين فى هذا الوقت المبكر إزاحة مصر قليلا نحو الانتماء إلى هوية متوسطية  أو الانتماء لدول حوض المتوسط .

كان المفكر والصحفى  سلامة موسى أكثر هؤلاء حماسًا فى الدفاع عن فكرة فرعونية مصر، حتى إنه أكد فى كتابه مصر أصل الحضارة أن الدافع الأساسى لكفاحه السياسى هو بعث النزعة الوطنية على سبيل الإكبار من شأن المصريين القدماء. 

وجدت الفرعونية فى موسى أحد أهم المدافعين عنها فى الخطاب السياسى والثقافى فى مصر فى بدايات القرن العشرين،  وتصاعدت هذه «النزعة الفرعونية» فى الأدب مطلع القرن العشرين، منها عودة الروح لتوفيق الحكيم، وقصيدة نشرها أحمد شوقى فى مجلة المقتطف تمتدح توت عنخ آمون، من بين كتابات أخرى كثيرة. و يبدأ نجيب محفوظ أحد أكثر الروائيين المصريين تأثيرًا فى المشهد الثقافى المصرى الحديث، حياته الأدبية بالكتابة عن التاريخ المصرى القديم فى ثلاثيته التاريخية «عبث الأقدار» ورادوبيس وكفاح طيبة .

ومما لاشك فيه أن «مصر تاريخيا  طبقات حضارية متتابعة لا يمكن أن تتحدث عن هوية واحدة جديدة لها أو معاصرة دون إلمام بكل تاريخها لأن القديم فى مصر ما زال حيا، لم يمت، ولا تزال الكتابة الفرعونية والأديان المصرية القديمة موجودة ونراها» كما يقول أحد الباحثين. 

المُفكر المصرى الراحل جمال حمدان، حاول العثور على مفاتيح الشخصية المصرية، التى فندها تاريخيًا وثقافيًا واجتماعيًا عبر صفحات كتابه «شخصية مصر»، فوصف المحروسة بأنها ملكة الحد الأوسط، حيث يمتلك شعبها قدرة عجيبة على الامتصاص، فرغم كل المحتلين الذين عبروا فى تاريخها وكل الثقافات التى وردت عليها، إلا أن الشعب المصرى بموهبته الفريدة صهر كل ما قابله من ثقافات ولغات وخرج بها فى نسيج جديد يحمل طابعه هو الخاص.

وتابع حمدان: «هذا ما مكن الشخصية المصرية من الاستمرار عبر العصور دون أن تتأثر بثقافة معينة، أو عقيدة فكرية ما، صمدت الشخصية المصرية منذ عهد مصر القديمة وطابعها الفرعوني، ثم البطلمى والقبطى فالعربى الإسلامي، فضلا عن انتمائها الإفريقى بحكم الجغرافيا، ليتغير الشكل لكن المضمون يظل ثابتا فى جوهره».