الأربعاء 31 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
سر مع الله

سر مع الله

كثيرا ما نسمع تعليقا فى صورة تساؤل «هل لك سر مع الله؟» نكرره كلما رأينا كرم الله وستره على أحد من عباده كان ينجو من حادث مروع أو ينال خيرا كثيرا من خلال ترتيب القدر بصورة معقدة... نراه أيضا فى لحظات الوفاة وما بعدها كأن يموت الشخص أثناء قراءة القرآن أو أثناء الصلاة وأحيانا أخرى بشارات نراها فى وجه المتوفى كالابتسامة أو الوجه المنبسط المنير.



أتذكر منذ سنوات بعيدة فى مساء أحد أيام الخميس - ليلة الجمعة - من شهر رمضان المعظم أن استمعنا إلى اصوات عالية صادرة من شقة  أحد الجيران فهرعنا إلى منزله حيث وجدنا الباب مفتوحا وزوجته تبكى وسط مواساة من الجميع... دخلنا إلى غرفة النوم فوجدنا زوجها جالسا على كرسيه بجوار السرير ممسكا بالقرآن الكريم وقد فاضت روحه إلى بارئها... أخذنا المصحف من بين يديه وحملناه إلى سريره وقمنا بتغطيته... كان الراحل قد صلى المغرب فى المسجد القريب ثم عاد إلى المنزل حيث تناول وجبة الافطار وجلس يقرأ فى مصحفه فى انتظار صلاة العشاء ليعاود الذهاب إلى المسجد مجددا.

مرة أخرى ويوم آخر من أيام شهر رمضان المعظم وكانت ليلة القدر حسبما اتفقت أغلب الآراء وبعد المغرب بدقائق جاءتنى مكالمة من صديق عزيز يبكى قائلا بوفاة اخته المريضة بأحد المستشفيات القريبة وعندما انتقلنا إلى هناك كانت صلاة الجنازة تقام فى احد المساجد الكبرى قبل الانتهاء من صلاة التراويح فى ليلة ترتفع فيها الدعوات من الجميع لرب العالمين. 

تذكرت هذين الموقفين مؤخرا وحاولت أن استعيد تصرفات هذا الرجل وتلك السيدة وسألت نفس السؤال المتكرر «هل لهما سر مع الله؟»...بالطبع لم أجد اجابة فلو عرفت الاجابة لما اصبح سرا.

ولكن لاحظت أن أصحاب المشهدين السابقين تجمعهما عدة خصائص أولها طيب المعشر والصدق والحب الشديد والتفانى لخدمة ابنائهم ...لم ألحظ زيادة فى العبادات ولا حج وعمرة كل سنة ولا استعراض أو تعالى على الناس...لم يحدث أن قابلت أحدا منهم صدفة وشعرت بانزعاج أو حاولت أن اتجنب إلقاء السلام أو الحديث معهما مهما كنت اشعر بالتعب أو الاجهاد النفسى الذى احيانا يجعلك تحاول أن تتجنب الاختلاط حفاظا على البقية الباقية من الطاقة والقدرة على الاستمرار.

ربما لديهما أسرار مع الله لا يعرفها احد وربما البساطة والنقاء هما السر... أعتقد أنهما أتيا الله بقلب سليم وهذا يكفى.