الأربعاء 31 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
هل فعلًا «العيال كبرت»؟

هل فعلًا «العيال كبرت»؟

كلمونا بالهجايص هى صيحة أطلقها الرائع سعيد صالح فى أحد أشهر أدواره المسرحية مخاطبًا أخاه الذى حاول أن يشرح له كم هو الوضع حرجا وحساسا.



وللأسف وإن ضحكنا كثيرا حينها على هذا التعبير إلا أننا نبكى اليوم ندما وشوقا إلى عصر كان للكتاب والمقال وللدراسات المتخصصة وقع وقدر وقيمة قبل أن نصل إلى عصر الهجايص حيث لا احتمال للقراءة أو للفهم يكفى بضع ثوان من مقطع مصور أو مانشيت عريض جاذب أو كلمتين مقتضبتين على أحد مواقع التواصل الاجتماعى ويا حبذا لو تم خلط ذلك بسخرية وضحك هستيرى.

للأسف لا أستطيع أن أتخيل شكل شباب ورجال المستقبل فى أى مكان حول العالم مقارنة برجال الزمن الجميل الذين تربوا على الأصول وبأعين الحكماء المخلصين.

قضية تغير لغة الخطابة وتراجع معدلات القراءة أمام الوسائط المتعددة المنتشرة على شبكات التواصل الاجتماعى ليست قضية محلية أو إقليمية فحسب ولكنها قضية عالمية بامتياز... ربما تختلف معدلات الاندماج فى هذا العالم الرقمى الجديد بنسب مختلفة من دولة لأخرى ومن منطقة لغيرها وحتى وإن كان هذا الأمر منتشرًا فى الغرب-وهو ليس كذلك بنفس الدرجة-إلا أنه يجب علينا فى بلداننا التى تحتاج إلى العلم وعزيمة البناء أن نتصدى لتلك الحملات بصورة أكبر من غيرنا.

البعض يرى أن ما نحن فيه هو مجرد لهاث خلف التقنيات الحديثة سرعان ما سيتراجع وتحتل التقنيات الحديثة مكانها ودورها بلا أى زيادة  مفسحة المجال أمام باقى المجالات الأخرى التى تغولت وأخذت دورها فى مرحلة الانتشار والانبهار. البعض الآخر يمد الخط على استقامته فيقول وداعًا للكتاب والمقال والدراسة واللغة الرصينة والعلوم العتيدة ومرحبًا بالسطحية السهلة قليلة الفائدة والأثر.

جدل لا ينتهى تتداخل فيه المؤسسات التعليمية والتربوية والثقافية والأسرة ودور العبادة وخلافه.... جدل يذكرنى بالجدل القديم والصراع بين الواقع وما يقدمه المذياع ثم التليفزيون ثم الفيديو كاسيت.

لا أريد أن أجنح بالمقال إلى اتجاه دينى أو ثقافى ولكن أعتقد أن تراجع الاهتمام بقراءة القرآن الكريم والأعمال الأدبية الرصينة ساهم بنسبة كبيرة فى ضعف المناعة اللغوية والخطابية مما سمح بانتشار تلك الفيروسات القاتلة.

القضية كبيرة وخطيرة ومتشعبة يكفى فقط أن ندرك أن مصادر السوقية والتدنى أضعاف مصادر السمو والرقى ولذا يجب الانتباه وسرعة الحركة.