الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
كوفيد 19 والوعى المجتمعى

كوفيد 19 والوعى المجتمعى

أصبحت أسأل نفسى كثيرا لماذا لا يبالى بعض الأشخاص بخطورة انتشار فيروس كورونا الذى على ما يبدو أنه أصبح الآن اكثر شراسة ووحشية ويعصف بالأرواح عصفا ونصحو كل صباح على خبر فقدان عزيز أو قريب أو زميل أو جار أو فنان أو أديب؟ 



يحدث ذلك  رغم تحذيرات الجهات المسئولة بالدولة ووزارة الصحة والتشديد على وجود الجوباء القاتل أو الفيروس  بالفعل وسرعة انتشاره، هل هذا يرجع إلى قلَّة الوعى الاجتماعى والفردى؟ 

أم عدم الثقة بالمؤسسات المجتمعية والرسمية  وخاصةً الأنظمة الصحية، والأغلب أن يكون السبب الرئيسى لعدم المبالاة هو الهروب من الواقع وعدم التصديق بخطورة الفيروس ، حتى أن  بعض الأشخاص  يتعاملون مع انتشار الفيروس  فى المجتمع بغير اكتراث، فنجدهم يتعاملون مع هذا المرض القاتل  بعدم الجدية والأهتمام ولِمَا يحدث نتيجة تفشيه، والالتزام بإجراءات السلامة الاجتماعية والصحية يكاد يكون معدومًا لديهم، ولا يصل إلى حجم الخطورة الحقيقية لهذا الفيروس. قد يرجع السبب الرئيسى لهذا، غياب الشفافية والمعلومات الحقيقية حول الوباء قد يخلق نوعاً من الضبابية حول المرض، وتخبّط فى نوع المعلومات عنه، ممَّا يقود الناس إلى عدم تصديق أى معلومة تخص هذا المرض، وبالتالى عدم الاهتمام  بأى إجراءات للحدّ منه أو اتخاذ قرار لمكافحته. 

يمكن القول بأنَّ الوعى الاجتماعى هو الفهم والإدراك الواعى لكون الفرد جزءًا من المجتمع الواحد المتماسك والمترابط مع الآخرين، وهذا يعنى أيضاً أن يؤثر الفرد بالآخرين، ويتأثر بهم، وعندما يصل كلُّ فرد فى المجتمع إلى إدراك هذا المعنى الواسع وفهمه بالشكل الصحيح، يصبح أفراد المجتمع أكثرَ تماسكًا، والقيام بأدوارهم بشكل إيجابى فى المجتمع، ومواجهة أى مشكلة بما فيها جائحة كوفيد 19.

 ويعتبر الوعى الاجتماعى مقياسا لتطوُّر المجتمعات، لأنَّه عن طريقه نستطيع إصدار أحكام واتخاذ قرارات صائبة على المستوى الفردى والمجتمعى، وهذه القرارات والإجراءات تكون ناتجة من الشعور بالمسئولية. يرتكز الوعى الاجتماعى على مدى الوعى الفردى للأشخاص، وتأتى أهمية الوعى الفردى فى أنَّه يُكوّن أول خطوة لحركة المجتمع فى طريق التقدم والحضارة والتنمية، فالفرد كائن اجتماعى يتكوّن وعيه عن طريق البيئة التى تحيط به، وبذلك ندرك أنَّ الوعى الفردى يدفعنا إلى الوعى المجتمعى لذلك ينبغى تحمل المسئولية ونشر الأفكار الإيجابية قَدر الإمكان.  والحقيقة أن  البشرية  لم تواجه منذ مئة عام تقريبًا وباءً على هذا المستوى من الاتساع حول العالم. فقد تسبّبت أوبئة سابقة بعددٍ أكبر من الضحايا، لكن قلّما تحوّلت إلى ظاهرة عالمية كالتى نشهدها اليوم مع فيروس كورونا المستجد.

هذا الخطر الواسع النطاق، بما يسبّبه من موتٍ وآلام ومخاوف، استدعى جهودًا جبَّارة، وموارد هائلة، سخّرتها الدول فى سعيها الدؤوب لمنع تفشى الوباء، ومعالجة المصابين به، وإنتاج الدواء واللقاح الكفيلَيْن بمواجهته، وأخيرًا تدارك تبعاته الاقتصادية المُزلزِلة على جميع قطاعات الإنتاج بلا استثناء.

وبما أنّ الإنسان مجبول على الشعور بالأمل، باحثٌ عن بقعة الضوء وسط الظلام، ينبغى لنا الوقوف عند النتائج الإيجابية التى حقّقها بلدنا حتى الآن فى حربه ضدّ كورونا، وإنْ كانت هذه الحرب لا تزال مستمرة. لقد ، برزت أهمية الوعى الاجتماعى خلال هذه الفترة العصيبة، بحيث أصبح كلٌّ منا عنصرًا فى جيش وطنى سلاحه روح التضامن وحسّ المسئولية.

إنّ لنا فى هذه الظاهرة عبرةً قيّمة، يجب تعميمها والاستفادة منها فى المستقبل بما سيحمله من مصاعب. وعلينا جميعا كمواطنين بمختلف الفئات أهميّة تنحية الرغبات الشخصية والأنانية الفردية جانبًا، ووضع مصلحة الوطن والمجتمع نصب العينين، وسوف يلمسوا ما يخلقه هذا الوعى من توحيد للجهود ويدركوا مدى فعاليته فى صون الأوطان وهزيمة الأعداء مهما اختلفت طبيعتهم حتى لو كان مجرد فيروس لا يرى بالعين.

وإذا كان خطر الفيروس آيلًا إلى الزوال ولو بعد حين، فعلينا ألّا ندع درس الوعى الاجتماعى يضيع مع مرور الأيام. وَلْتَكُنْ مصلحة بلدنا وخير مجتمعنا هى الأولوية فى كلّ استحقاق، لأنّنا بذلك نتجاوز الغايات الفردية الضيقة، ونحقّق الأثر الإيجابى المطلوب، كلٌ فى موقعه ووظيفته، ونزرع فى الأجيال الناشئة فكرًا مخلصًا لقيم المواطنة الحقّة.