الإثنين 23 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

أيام المنة من الله

رعاية الفقراء وزيادة الطاعة من أفضل أعمال العشر الأواخر

مع  بداية العشر الأواخر لشهر رمضان يتهافت المسلمون على بذل مزيد من الطعات والعبادة للفوز بفضل تلك الليالى ولاسيما ليلة القدر، وتزداد التساؤلات عن افضل الأعمال فى تلك العشر الأواخر من رمضان، وهو توجهنا به إلى العلماء للتعرف على أفضل الأعمال فى تلك الليالى.



 بداية يوضح د. محمد مختار جمعة أن نبينا (صلى الله عليه وسلم) أجود الناس، وكان أجود ما يكون فى رمضان، كان (صلى الله عليه وسلم) أجود بالخير من الربح المرسلة.، حيث أن رمضان هو شهر الجود والكرم، : «من فطر فيه صائمًا فله مثل أجره من غير أن ينقص من أجر الصائم شيء»، وفيه صدقة الفطر مرضاة للرب، وطُهرة للصائم، وطعمة المساكين. وهو شهر إطعام الطعام بكل ما تعنيه كلمة الإطعام من معان، سواء أكان إطعاما مباشرا فى صورة وجبات مجهزة تعطى للفقراء والمحتاجين أو تهدى للأصدقاء والجيران والمقربين، أم فى صورة عينية سلعًا أو نقدا، والنقد أنفع للفقير. 

وقال إن التوسعة على الفقير من افضل الأعمال ولذلك كانت التوسعة عليهم مع قرب عيد الفطر مما حث عليه رسولنا الكريم حيث قال صلى الله عليه وسلم :»اغنوهم فى هذا اليوم» هو حديث سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عن الفقراء والمساكين فى أيام العيد، والمعنى اغنوهم بغير سؤال منهم عن السؤال، فمن أدخل السرور على مسلم ولا سيما فى هذه الأيام المباركات كان حقا على الله (عز وجل) أن يرضيه يوم القيامة.. وهذا الإغناء يتطلب التوسعة عليهم ليس فى ذات يوم العيد فحسب، إنما قبل دخوله اى فى العشر الأواخر من رمضان، حتى يتمكنوا من قضاء حوائجهم وحوائج أبنائهم وأسرهم فى متسع من الوقت، 

أضاف أن من وسّع على الفقراء والمحتاجين وسّع الله عليه فى الدنيا والآخرة، فلينفق ذو السعة فى ضوء ما فضل الله عليهم، واثقين أن مع الشكر المزيد، حيث يقول الحق سبحانه وتعالى فى كتابه العزيز : « وإذن تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم « نسأل الله عز وجل أن نكون منهم.

من جهته أوضح الدكتور على الله شحاتة الجمال من علماء الأزهر والأوقاف أنه إذا كان شهر رمضان تتجسد فيه معانى الرحمة والرأفة بالفقراء والمساكين، واليتامى والمحتاجين، والعملِ على إطعام الجائعين، وإفطار الصائمين، فإن أيام العشر الأواخر منه أيام عظيمة امتن الله تعالى بها على عباده بأن أعطاها نفحات ربانية، حيث تتضاعف فيها الحسنات، ويعظم فيها الأجر والثواب، ويغفر الله تعالى فيها الذنوب والسيئات.

أضاف لقد حثَّنا ديننا الحنيف على البذل والعطاء فى سبيل إسعاد الآخرين، وإدخال السرور على قلوبهم ومساعدتهم، يقول نبينا (صلّى الله عليه وسلم) حين سئل : أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ، وَأَيُّ الْأَعْمَالِ أَحَبُّ إِلَى اللَّه ِ؟ فَقَالَ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) : ( أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ، وَأَحَبُّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ سُرُورٌ تُدْخِلُهُ عَلَى مُسْلِمٍ، أَوْ تَكْشِفُ عَنْهُ كُرْبَةً، أَوْ تَقْضِى عَنْهُ دَيْنًا، أَوْ تَطْرُدُ عَنْهُ جُوعًا، وَلَئِنْ أَمْشِى مَعَ أَخٍ لِى فِى حَاجَةٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَعْتَكِفَ فِى هَذَا الْمَسْجِدِ شَهْرًا فِى مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ... وَمَنْ مَشَى مَعَ أَخِيهِ فِى حَاجَةٍ حَتَّى يُثَبِّتَهَا لَهُ ثَبَّتَ اللَّهُ قَدَمَهُ يَوْمَ تَزُولُ الْأَقْدَامُ).

من جهته أوضح الشيخ أحمد دسوقى مكى من أئمة الأوقاف أن الحق سبحانه وتعالى جعل العشر الأواخر من شهر رمضان فرصة للمحسن أن يتزود فيها من الخيرات، وللمقصر أن يستدرك ما فات، فهى أيام مليئة بالنفحات الإلهية والعطايا الربانية التى امتن الله (عز وجل) بها على عباده الأتقياء، فحريٌّ بكلِّ مسلم أن يغتنم ليلها، وأن يستثمر نهارها، فهى موسم للطاعات والخيرات، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : (إِنَّ لِرَبِّكُمْ فِى أَيَّامِ دَهْرِكُمْ نَفَحَاتٍ، فَتَعَرَّضُوا لَهَا; لَعَلَّ أَحَدَكُمْ أَنْ يُصِيبَهُ مِنْهَا نَفْحَةٌ لَا يَشْقَى بَعْدَهَا أَبَدًا)؛ لذا كان النبيّ (صلى الله عليه وسلم) يخص العشر الأواخر من رمضان بمزيد من العبادة والطاعة، والإقبال على الله (عز وجل).  

كما أشار إلى أنه يجب علينا أن نقتدى بالنبى (صلى الله عليه وسلم) وأصحابه الكرام، فى إحيــاء العشـــر الأواخر من رمضـــان بالعبادة والطاعة، فى قيام الليل، والذكر، والاستغفار، وقراءة القرآن ومدارسته، والصدقات، وفعل الخيرات، والسعى فى قضاء حوائج الناس، والتعاون على البرّ والتقوى... وغير ذلك من أعمال الخير والصلة، فقد كان النبيّ (صلى الله عليه وسلم) يجتهد فيها ما لا يجتهد فى غيرها من الأيام، فعن عائشة (رضى الله عنها) قالت : (كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا دخل العشرُ شدَّ مئزرَه، وأحيَا ليله، وأيقظَ أهلَه)، ومعنى شد المئزر : أى اجتهد فى العبادة وبذل وسعه فيها، وقيل : كناية عن اعتزال النساء، وفى رواية قالت : « كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يجتهدُ فى العشرِ الأواخرِ من رمضانَ ما لا يجتهدُ فى غيرِه «.وفى ختام كلمته أكد فضيلته أنه إذا كان الدعاء فى شهر رمضان مستحبًّا فهو فى العشر الأواخر منه أشدُّ استحبابًا، لعله يقع فى ليلة القدر، فعن أم المؤمنين عائشة (رضى الله عنها) قالت: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِنْ عَلِمْتُ أَيَّ لَيْلَةٍ لَيْلَةَ الْقَدْرِ مَا أَقُولُ فِيهَا؟ قَالَ: « قُولِي: اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ كَرِيمٌ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّى»، نسأل الله تعالى أن يتقبل منا الصيام والقيام، وأن يبلغنا ليلة القدر وأن يجعلنا من عتقائه من النار ومن المقبولين.