المعارك التافهة
النصيحة تقول «تخير معاركك بحكمة» أو Pick your fights وهى وإن كانت جملة بسيطة مكونة من ثلاث كلمات إلا أن العمل بها ليس بهذه السهولة أو البساطة.
نظرة على صفحة الحوادث بالجرائد والمجلات تجعلنا نندهش من أسباب بعض الجرائم البشعة, فعلى سبيل المثال قام قهوجى بقتل بائع فول لأنه رفض شرب كوب من الشاى قدمه له بحجة انه لم يتناول طعام الإفطار... ترك القهوجى كوب الشاى الساخن حتى برد وبسبب رفض المجنى عليه دفع الثمن نشبت بينهما مشاجرة كبيرة انتهت بمقتل بائع الفول بسلاح أبيض.
حادث آخر حيث اطلق مزارع وابنه النار على شخص ثالث بسبب أنه قد أخذ عود قصب من الغيط الخاص بهما فتوفى على الفور.... الأمثلة المتكررة المرتبطة بتأخر الزوجة فى اعداد طعام الإفطار فى رمضان وقيام الزوج بضربها أو قتلها أو حرق المنزل بأكمله قرأناها كثيرا. مشادة بسيطة أثناء قيادة السيارة فى طريق مزدحم قد تنتهى أيضا بجريمة قتل أو اتلاف للسيارة على أقل تقدير وغير ذلك كثيرًا من الحوادث والجرائم والتى عندما نبحث عن السبب الرئيسى لها نجده فى غاية التفاهة، فأين المشكلة إذا وما سبب ذلك؟!
يحدث ذلك ببساطة نتيجة الميل الى الكمال وإلى اعتبار أن العالم يجب أن يسير وفق ما نراه صحيحا طوال الوقت بلا أى حيود ولو بسيط بالإضافة إلى تحكم الحالة النفسية والمزاج فى تقبلنا لما يحدث حولنا وكيفية تفاعلنا معه ففى حالات الصفاء تشعر بأنك شخص متميز وملابسك جميلة وسيارتك رائعة وعملك وعائلتك هما الأفضل ثم يحدث تغير فى المزاج Mood Swing فتشعر أنك أقل من الجميع وأن ملابسك رثة وأن سيارتك حقيرة وأن عملك وأسرتك مزعجان جدا.
والحقيقة أن هذا الأمر يحتاج إلى تدريب لتعرف كيف تتفاعل وكيف تنفعل مع الأحداث والذكريات فالقليل من التغافل مطلوب والكثير من التسامح أيضا كما أن سؤالا بسيطًا تسأله لنفسك فى كل مرة تشعر بالانفعال وبالرغبة فى إبداء أى ردة فعل «هل هذا الأمر سيبقى مؤثرا الاسبوع المقبل أو الشهر القادم أو العام القادم» فإذا كانت الإجابة بلا فيكون الهدوء والتنازل عن تلك المعركة التافهة هو الحل.
تجربة ضبط ردود الأفعال هى تجربة ناجحة وبالتأكيد نتائجها أفضل بكثير من قضاء 25 عاما خلف الأسوار بسبب كوب من الشاى.
