الأربعاء 8 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

تحكيها سيدة المسرح العربى

«ألمظ وسى عبده».. قصة حب عابرة للزمن

جرت العادة أن تعتمد العروض الغنائية الاستعراضية على فخامة الإنتاج، بضرورة احتواء العرض على ثراء بصرى كبير عن طريق صناعة الملابس والديكورات الضخمة، بينما قرر المخرج مازن الغرباوى مع مدير مسرح البالون عادل عبده خوض المغامرة وكسر هذه القاعدة بتقديم عمل غنائى استعراضى فقير إنتاجيا لكنه غنى موسيقيا، سواء على مستوى صناعة الألحان والتأليف الموسيقى لأحمد مصطفى، أو فى نسج وغزل أشعار وأغانى كتبت بذكاء وذوق رفيع للدكتور مصطفى سليم، تناول العرض بداية انطلاق ونشأة الحركة الغنائية المصرية بعهد الخديو اسماعيل باستغلال مدخل قصة الحب التى نشأت بين ألمظ وعبده الحامولى فى العرض الغنائى «ألمظ وسى عبده».



يبدو العرض فقير بصريا خاصة فيما يتعلق بصناعة الملابس التى ربما لم تكن على مستوى فخامة العمل الفنى ومستوى ثرائه الموسيقى، بجانب تعمد المخرج مازن الغرباوى على حد قوله بعدم صناعة ديكورات صخمة واكتفائه باستغلال شاشة العرض فى عمق المسرح من الداخل، لتتبدل مناظر الديكور عليها بانتقال الأبطال من عهد إلى عهد ومن مكان لآخر، لكن عوضا عن ذلك كان للعمل شأن آخر باستعانته بعناصر ثرية على مستوى الطرب والغناء والدراما، كانت الفنانة القديرة سميحة أيوب أول صرح فى هذا البناء الفنى، حيث تطورت وتبدلت الأحداث والأزمنة على لسانها بحكى القصة تاريخيا بأداء مسرحى رفيع، كان لهذه السيدة القديرة حضور كبير، وكان لها الفضل الأكبر فى تماسك العمل ورسوخه بصوتها الرخيم وأدائها الذى شكل حصنا منيعا للعرض المسرحى، وكأن أقدامه ثبتت على حائط ضخم، ذهب المشاهد مع صوتها وحكيها الدافىء وعبر بآلة الزمن إلى عصر الخديو اسماعيل لمتابعة قصة حب ألمظ وعبده الحامولى، وكأنه دخل طواعية إلى إحدى حكايات «ألف ليلة وليلة»، استطاعت سميحة أيوب بمجرد ظهورها فى مواضع مختلفة على الشاشة الصغيرة أن تمنح العمل روحًا وحالة فنية فريدة لا تتكرر سوى باستدعاء الكبار أمثالها.

اعتمد العرض على استعراض الشكل الغنائى الذى نشأ فى تلك الفترة مع الجهد الواضح والكبير للشاعر والمؤلف مصطفى سليم فى إبداعه بعمل مزج رائع بين الأعمال الغنائية التى قام بتأليفها ومقاطع من الموشحات التى كانت شائعة فى تلك الفترة التى بدأ يأخذ فيها الطرب المصرى منحنى آخر فى تطور الغناء وتنوع أشكال الموسيقى والطرب خلال فترة الخديو إسماعيل، لم يتطرق العرض إلى الأحداث السياسية التى تعرضت لها مصر خلال هذه الفترة من عهد الخديو، بينما كان كل تركيزه على رواية وحكى نشأة ألمظ التى كانت تعمل مع والدها فى المصبغة إلى أن توفى وبدأت تعمل بنفسها بالغناء لعمال البناء، ثم اقنعها أصدقاء والدها بضرورة تقديم صوتها للجمهور والمجتمع، وبالفعل اكتشفها الشيخ محمد القانوجى، واقنعها بالانضمام إلى تخته لتدريبها وتعليمها فنون الطرب والغناء، قبلت عرضه وبدأ يذيع صيتها حتى أن «ساكنة بك» أحد أهم وأشهر المطربات فى ذلك العصر شعرت بالغيرة الشديدة وحاولت الإيقاع بها عن طريق ضمها إلى تختها الشرقى، لكن سرعان ما تركت المظ تخت ساكنة بك وانطلقت بمفردها إلى أن شاهدها الحامولى فى إحدى الحفلات وأحبها وقرر الزواج منها ولعلمه بولع الخديو بالنساء ومحاولاته لضم المظ إلى حرملك القصر قرر منعها من الغناء خوفا عليها؛ إلى أن توفيت وعمرها لم يتجاوز السادسة والثلاثين عاما.

قدم العمل سيرة ذاتية لتفاصيل قصة حب ألمظ وعبده الحامولى، التى ربما لا يعلم عنها الجمهور الكثير فى قالب غنائى استعراضى تصميم سالى أحمد التى بذلت جهدا واضحا فى ضبط حركة الراقصين فى المشاهد الجماعية وتصميم الاستعراض بشكل يليق بعمل غنائى كبير، ثم الاستعانة بأصوات غنائية عذبة مثل وائل الفشنى فى دور عبده الحامولى ومروة ناجى فى دور ألمظ، كانت مروة فى أفضل حالاتها الفنية سواء على مستوى التمثيل أو الغناء هذه المرة، قدمت الأعمال المغناة بأداء طربى رفيع يشبه تلك الفترة التى تناولها العمل المسرحى، وكذلك وائل الفشنى بجانب ذكاء المخرج مازن الغرباوى فى توظيفه الجيد للبنى الشيخ فى دور ساكنة بك، ونورهان صالح فى دور الوالدة باشا؛ وشاركهما بطولة العمل الفنان محمد حسني؛ حسن العدل، ايميل شوقى، محمد الخيام؛ أحمد الشريف، عماد عبدالحميد، محمد عمر، محمد طلبة، صابر عبدالله، طارق مرسى، ومحمد وفائى، والطفلة ملك مازن فى دور ألمظ، تصميم ديكور محمد هاشم، أزياء مروة عودة.