الأربعاء 31 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
حبيت بلدى

حبيت بلدى

«حبيت بلدى وعشان بلدى أنا عايزك تكبر يا ولدى» كلمات أغنية طالما أذيعت فى التليفزيون المصرى فى سبعينيات القرن الماضى غناء الفنان سيد إسماعيل وكلمات محمد فتحى مهدى وألحان محمد قاسم.



تدور الأغنية حول أب يتحدث إلى ولده فيبدأ القول بإقرار حبه لبلده وأن هذا الحب هو الدافع لرغبته فى أن يكبر ابنه سريعا ليعمر ويزرع ويبنى المصانع وأن يسبقه إلى البناء والمجد هو وأبناء جيله وصولا إلى جملته الختامية «انا عايز اشوف ابنى الغالى فى الدنيا حققلى آمالى... والناس تتباهى واقول وياها الله على بلدى محلاها».

اعترف أن الأغنية كانت تذاع بمعدل زائد على الحد أو هكذا شعرت كطفل صغير ولكن اللحن لا يفارق الوجدان وربما لم أستشعر الكلمات إلا بعد مرور سنوات عدة وبعد اختفاء الأغنية من خريطة الإذاعة والتليفزيون والعثور عليها من خلال موقع اليوتيوب.

كلمة «بلدى» أثارت الصورة الذهنية السيئة التى استقرت فى وجداننا ولا أدرى متى بدأت تلك الحالة فى الظهور... ربما ارتبطت بالاستعمار وتمجيد كل ما هو إفرنجى والإقلال من شأن كل ما هو محلى.

أدى ذلك إلى أن ارتبطت الكلمة بمعانى التأخر وعدم مواكبة العصر أو قلة الحس الفنى وقلة تذوق الجمال فتعبير «بلدى» عندما يطلق على الأزياء أو اختيار الألوان أو حتى على أسلوب الحديث الخالى من استخدام كلمات أجنبية أو حتى الحديث بأسلوب لتلحين الكلمات يشابه الغرب.

امتد هذا المرض أيضا إلى أسماء المتاجر والمحال المختلفة بصورة محمومة... أعرف أن بعض تلك المحال يأتى اسمه على اسم المنتج الأجنبى الذى تقدمه لكن ما معنى أن يطلق اسم أجنبى على مطعم للأكلات المصرية الأصيلة.... لا أريد أن أعمم فالتعميم غير سليم وغير مقبول فلدينا أمثلة أخرى رائعة مصرية خالصة وصميمة ولكن موجات التغريب حجمها أكبر وربما ساعد عليها موجات العولمة المتعددة وآخرها الموجة الكبرى باستخدام شبكات التواصل الاجتماعي.

موضع آخر لاستخدام نفس الكلمة مرتبط بالأعمال الحرفية والهندسية حيث ينقسم أسلوب التنفيذ إلى أسلوب علمى مدروس وطبقا لأصول الصناعة والمعايير القياسية وأسلوب آخر لا يضع تلك الأمور فى الاعتبار على الإطلاق ويطلق عليه «بلدى» فتجد جملة شهيرة تسمعها من المهندس والعامل والنقاش والسباك قائلا: « حضرتك عايزها صح ولا اعملها بلدى؟».

والحقيقة أننا يجب أن نفخر بكل ما هو«بلدى» والسبب لا يسعه مقال أو حتى كتاب من ألف صفحة يكفى أن أقول إن بلدى اسمها مصر.