الأربعاء 31 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
التوبة 55-.. التوبة 85-

التوبة 55-.. التوبة 85-

فى السباق الرمضانى لختم القران الكريم مرة أو عدة مرات وبالرغم من أن الحكمة تقتدى ألا يكون الهدف هو عدد مرات الانتهاء وأن يكون الهدف الأساسى هو التدبر فى المعانى حتى وأن استغرق الأمر سنوات للانتهاء حيث إنه مع أهمية التلاوة والقراءة والذكر المستمر بآيات من كتاب الله إلا أن الفهم أولى والتطبيق أولى وأولى وفى هذا الإطار يقال :إن سيدنا عمر بن الخطاب استغرق 10 سنوات حتى انتهى من حفظ سورة البقرة ليس لكبر حجمها ولكن لأنه كان يحفظها مع التطبيق لما جاء بها.



وفى هذا السياق استوقفتنى آيتان من سورة التوبة الأولى الآية رقم 55 «فَلَا تُعجِبكَ أَموَٰلُهُم وَلَا أَولَٰدُهُم إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُم بِهَا فِى الحَيَوٰةِ لدُّنيَا وَتَزهَقَ أَنفُسُهُم وَهُم كَٰفِرُونَ» والآية الثانية رقم 85 «وَلَا تُعجِبكَ أَموَٰلُهُم وَأَولَٰدُهُم إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُعَذِّبَهُم بِهَا فِى الدُّنيَا وَتَزهَقَ أَنفُسُهُم وَهُم كَٰفِرُونَ».

للوهلة الأولى تبدو الآيتين متشابهتين تمامًا إلا من اختلاف فى ثلاثة تعبيرات...الأول «فلا تعجبك» فى الآية الأولى و«ولا تعجبك» فى الآية الثانية... الاختلاف الثانى فى «ليعذبهم» فى الآية الأولى و«أن يعذبهم» فى الآية الثانية.... الاختلاف الثالث «فى الحياة الدنيا» فى الآية الأولى و«فى الدنيا» فى الآية الثانية فلم تلك الاختلافات.

الحديث فى الآيتين عن المنافقين إلا أن السياق الخاص بالآية الأولى هو سياق الحديث عن الإنفاق وهذا يتضح من الآيتين السابقتين على الآية 55 كما يلى «قُل أَنفِقُواْ طَوعًا أَو كَرهًا لَّن يُتَقَبَّلَ مِنكُم إِنَّكُم كُنتُم قَومًا فَٰسِقِينَ (53) وَمَا مَنَعَهُم أَن تُقبَلَ مِنهُم نَفَقَٰتُهُم إِلَّا أَنَّهُم كَفَرُواْ بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلَا يَأتُونَ الصَّلَوٰةَ إِلَّا وَهُم كُسَالَىٰ وَلَا يُنفِقُونَ إِلَّا وَهُم كَٰرِهُونَ (54).

أما الآية السابقة على الآية الثانية فتتحدث عن المنافقين بعد أن يدركهم الموت «لَا تُصَلِّ عَلَىٰ أَحَد مِّنهُم مَّاتَ أَبَدا وَلَا تَقُم عَلَىٰ قَبرِهِ إِنَّهُم كَفَرُواْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُواْ وَهُم فَٰسِقُونَ».

فالفاء فى «فلا تعجبك» هى فاء تعليلية لتوضيح سبب عدم الإعجاب وهو عدم الإنفاق أما اللام فى «ولا تعجبك» فهى استكمال للنهى فى الآية السابقة لها «لا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره».

استخدام اللام فى «ليعذبهم» فهى للتأكيد وفى موضع تفصيل، وللحديث عن أناس أحياء وأن فعل العذاب قد يكون فى المستقبل ما داموا أحياء أما استخدام «أن» فى قوله «أن يعذبهم» فهى فى موضع إجمال وهو فعل ماضى وإقرار بما حدث طالما أن الآية تتحدث عن أناس قد ماتوا بالفعل.

الأمر نفسه فى الفرق بين «الحياة الدنيا» فى الآية الأولى و«الدنيا» فقط فى الآية الثانية فالإفادة للتوكيد ولبيان الحالة بين الأحياء فى الأولى والأموات فى الثانية.