بالورقة والقلم

 التعبير المجازى «بالورقة والقلم» هو تعبير للدالة على أن الأمور تتم بمنتهى الدقة الناجمة عن التخطيط والحسابات المعقدة والتى لا يمكن الوصول إليها إلا من خلال استخدام الأدوات المساعدة وعلى رأسها بالطبع الورقة والقلم.

للأسف منطق استخدام تعبير «بالورقة والقلم» والذى يعطى انطباعا بالحساب الدقيق وطغيان مبدأ المكسب والخسارة تغول بشدة فخرج من الأمور التى تستوجب تلك الدقة مثل التخطيط والأعمال الهندسية والحسابية وخلافه وانتشر أيضا فى مناطق متعددة  لا يجب أن يكون ارتكازها الحقيقى على الحسابات الدقيقة بأى حال من الأحوال ومنها مثلا مناطق العلاقات والمشاعر الإنسانية وأيضا علاقتنا بالمولى عز وجل.

وخطورة التعامل بهذا الأسلوب كما فى القصة المعروفة  للرجل العابد الذى أصر أن يدخل الجنة بعمله وليس برحمه الله اعتقادا منه أن عمله وحده وطبقا لحسابات المكسب والخسارة يمكنه من بلوغ الفردوس  وهنا أمر الله أن توضع كل أعماله فى إحدى كفتى الميزان ووضع نعمة البصر فقط فى الكفة الثانية فرجحت كفة نعمة البصر فلولاها لما استطاع أن يقوم بكل ما قام به من أعمال خير وعباده وهنا أدرك أن المعاملة ودخول الجنة تكون برحمة الله.

وبصورة مماثلة وحتى لا تكون القصة السابقة مجرد قصة من الرقائق التى تلين القلوب ثم لا تتم ترجمتها الى عمل ربما نحتاج إلى أن ننتهج نفس النهج فى معاملاتنا اليومية فنفعل الخير بدون انتظار العائد أو المعاملة بالمثل بل يفضل أن يكون فعل الخير مطلقا  وربما يكون أفضل أسلوب لذلك هو أن نفعل الخير مع من لا نعرف على الاطلاق وذلك لتنقية الفعل تماما من شبهة الرياء أو الحاجة للمعاملة بالمثل.

فعل الخير أمر محمود لا شك فى هذا بل أنه مذكور فى كل كتب التنمية البشرية والصحة النفسية والسعادة  ولا توجد صيغة أو أسلوب محدد لفعل الخير بل إن صوره متعددة ومتنوعة ببساطة نجد أن  شبكات التواصل الاجتماعى  بها أمثلة كثيرة نراها يوميا فنعجب ببعضها ونتندر على البعض الآخر وللأسف قليلا ما نقوم بتنفيذ تلك النصائح.

على سبيل المثال فإن الابتسامة وبشاشة الوجه لن تكلفنا كثيرا... أمثلة كثيرة لطرق ربما يراها البعض غريبة أو مبتكرة لفعل الخير ونشر السعادة منها على سبيل المثال أن تقوم بدفع رسوم مرور السيارة الموجودة خلفك عند بوابات الطرق ولو مرة واحدة كل شهر وترى تأثير هذا الفعل عليك وعلى الآخرين... ربما تراه فعلا بسيطا أو تافها ولكن اثره فى النفس ليس كذلك ويمكن لكل منا أن يتذكر بعض اللحظات الحانية من أناس التقاهم مرة واحدة فقط منذ سنوات عدة ولا يزال يتذكر ما قاموا به من فعل وتأثيره على شخصيتنا حتى الآن. مثال آخر لاقتراح فعل خير رصدته على شبكات التواصل الاجتماعى مرتبط بما نراه حاليا من  جهود الدولة فى تقديم اللقاحات للمواطنين حيث اقترح البعض أن يقوم من تلقى اللقاح بالتبرع بمبلغ من المال لاحد مجالات الخير حمدا لله على حصوله على اللقاح وأملا فى استمرار العافية ومساعدة لمن يعانى فى أى موقف من مواقف الحياة الكثيرة.

ولا يجب أن تتوقف كثيرا لتحلل وتدقق فيمن هو أمامك هل يستحق أم لا فأحيانا يكون هذا هو مدخل الشيطان لصدك عن فعل الخير وإن لم تستطع أن تخرج من دائرة التحليل تلك ففى المقابل فان أوجه الخير كثيرة ومتعددة ولا تخفى على أحد... كل ما نحتاجه هو أن نبدأ ولا نفكر كثيرا بالورقة والقلم.