الأربعاء 3 سبتمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
غرام القلل

غرام القلل

قصة الشاعر الكبير أحمد رامى مع القلة التى اعتقد أنها فتاة خجولة تتوارى خجلا من أن تبادله الحب والغرام قصة شهيرة جدًا.. حيث ظل مدة كبيرة يمر من أمام الشباك ليختلس النظر إلى محبوبته ثم يعود منفعلا إلى قلمه وأوراقه فيسطر أروع قصائد الحب والغرام.



استمر كذلك حتى أتى يوم فوجد سيدة تقترب من محبوبته وتنزع عنها غطاء الرأس وتحملها وتضعها على فمها لتروى عطشها.. هنا انتبه إلى أن محبوبته عبارة عن قلة قامت سيدة المنزل بوضع ايشارب على قمتها لحمايتها من الأتربة والحشرات فتصور شاعرنا الكبير أن فتاته تتوارى خجلاً.

أمر مشابه تحدث عنه الفنان الراحل عزت العلايلى حيث يتحدث عن استمراره فى الوقوف فى شباك منزله مراقبا جارته لساعات طويلة يوميا حتى يغلبه النعاس إلى أن أتت ليلة الاحتفال بالمولد النبوى الشريف، فساعدته إضاءة الصواريخ التى أطلقها الصبية لأن يرى محبوبته بجلاء فيكتشف أنها مجرد« قلة » وأن جارته قد غادرت هذا المنزل منذ ستة أشهر على الأقل.

قصة أخرى عن أحد الفلاحين فى إحدى قرى ريف مصر العامر، والذى سرق مبلغا من المال وانصبت شكوكه إلى أحد جيرانه حيث استمر فى مراقبته لمدة أسبوع ويقوم بتفسير كل فعل يقوم به جاره على أنه السارق ..فسلامه عليه ونظرة عينيه ودرجة ارتفاع صوته عند الحديث معه وما قام بشرائه من مأكولات وحلوى لأبنائه تم تفسيرها على أنها تصرفات سارق عتيد يحاول إخفاء جريمته.

استمر هكذا فى تصوراته التى يقوم بتأكيدها يوما بعد يوم حتى كان اليوم الذى أتاه استدعاء إلى النقطة التى تبعد أمتارا عن منزله، وعندما توجه اليها وجد الشرطة قد أمسكت بالسارق معترفا والمفاجأة أنه كان شخصا آخر لا يمت لمن شك به بصلة. 

ومع أن الحقيقة فى حالتى غرام القلل وفى حالة اتهام السارق كانت مخالفة لما اعتقده أصحابها، إلا أن عقولهم قد جعلتهم أسرى لتلك الظنون والشكوك تماما ثم بدأ العقل فى إفراز هرمونات نشوة وسعادة أو ضيق وعدم راحة، ولولا اكتشاف الحقيقة فى النهاية لاستمروا فى تلك الأوهام اللذيذة أو المؤلمة حتى النهاية.

أكره أن العب دور الناصح ولكم علينا أن ننظر إلى كل مايدور حولنا بعين الناقد حتى لا نظلم بريئا ونقع فى غرام «قلة».