الأربعاء 31 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
احترس من الفونت

احترس من الفونت

مما لاشك فيه فإن عصر المعلومات يشكل مصدرا كبيرا للانزعاج والتوتر.. ربما يشعر بذلك الأجيال القديمة التى قضت أعواما فى عصر ما قبل الهواتف الذكية وشبكة الانترنت ومنصات التواصل الاجتماعى وانترنت الأشياء وكاميرات المراقبة، والدفع الإلكترونى والعمل والتعلم والعلاج عن بعد من خلال المؤتمرات المرئية، وكذا أيضا الأنماط الجديدة للإعلام والصحافة والثقافة الرقمية الجديدة.



الرقابة اللصيقة التى تمارسها علينا التكنولوجيا وبالرغم من الانزعاج الذى نشعر به بين الحين والآخر وحاجتنا إلى الهدوء والاسترخاء- أحد الأصدقاء قال لى «أريد أن أعود إلى السبعينيات لأقضى أسبوعا من الراحة والاستجمام ثم أعود مرة أخرى إلى هذا الصخب الرقمى الكبير»- إلا أننا ما عدنا قادرين على العودة إلى الوراء تمام، نظرا للفوائد المتعددة التى نحصل عليها جراء تعاملنا وانغماسنا فى هذا العالم الرقمى المتشابك.

أحد الفوائد الهامة ما هومرتبط بحصر الجرائم والايقاع بالخارجين عن القانون من خلال اثبات قيامهم بجريمة ما من خلال ما يطلق عليه الادلة الرقمية Digital Forensics ومنها على سبيل المثال تفريغ كاميرات المراقبة لإثبات جريمة ما قام بها شخص ما، وتم تصويره أثناء قيامه بها والتى تتراوح بين سرقة علبة مناديل فى متجر كبير اوالقيام بجريمة قتل.

الأدلة الرقمية كثيرة ومتعددة فتفريغ الهاتف الذكى يمكننا من التعرف على الكثير من المعلومات.. ربما تسجيل صوتى أو مصور.. أماكن التحرك.. المحادثات الشخصية التليفونية والمكتوبة.. المعاملات المالية.. أدوات الهجوم الكترونى والاختراق.. الخ.

من الاساليب الطريفة لإثبات أو نفى الجريمة ما حدث بعد انتشار تسريبات وثائق بنما فى إبريل 2016 وخاصة ما يتعلق برئيس وزراء باكستان نواز شريف من امتلاك ابنته لأربعة عقارات فى العاصمة البريطانية لندن، وهى قضية رفعها بعض خصومه السياسيين بعد انتشار التسريبات مما دفع ابنته إلى تقديم وثيقة موقعة فى فبراير 2006 تشير أى أنها مجرد شاهد على أحد العقود فقط وهوما ينفى التهمة الموجودة.

العجيب أنه عندما تم إرسال الوثيقة إلى المعمل الجنائى لبيان صحتها من عدمه عادت نتيجة المعمل بأن الوثيقة مفبركة، وإنها قد تم كتابتها فى تاريخ لاحق للتاريخ الموجودة عليه ببساطة لأن الخط المكتوب به الوثيقة هوCalibri وهو فونت أتاحته شركة مايكروسوفت للاستخدام التجارى فى 2007 أى بعد عام كامل من تاريخ توقيعها، وهو ما أثبت أن تلك الوثيقة غير حقيقية وهو ما ساعد القاضى فى إصدار الحكم المناسب.

تفاصيل القضية موجودة ومتاحة على شبكة الانترنت لمن يريد أن يتعرف على المزيد من التفاصيل، ولكن ما أود أن أشير إليه إلى أهمية الأدلة الرقمية وفاعليتها، وأن من لا يخشى الله فعليه أن يخشى أنظمة وكاميرات المراقبة المحيطة بنا من كل جانب.