الخميس 7 أغسطس 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
احتفظ بأسرارك لنفسك

احتفظ بأسرارك لنفسك

من الرائع أن تساعد الناس وأن تتبادل معهم الأفكار والنصائح ولكن الأروع أن تعرف مع من تتكلم وماهى حدود الكلام فليس كل مستمع ناصح أو حافظ للسر فبعض ممن نتكلم معهم قد لا يكونون حسنى الفكر أو النية أو الأهداف، لاتبوح بكل أسرارك للآخرين لأنه قد يأتى وقت يستغلون فيه هذه الأسرار للإضرار بك، عموما لاتقل سرك لأحد فالآخرون ليس لديهم صدرا واسعا للاحتفاظ بأسرارنا



أقول هذا وأدلل عليه بهذه القصة التى قرأتها ذات يوم من «كتاب حياة لها معنى».

ذات يوم فى أحد سجون فى فترة الستينيات من القرن الماضى كان السجناء فى هذا السجن يعانون من قسوة الحراس ومعاملتهم السيئة لهم فى كل شىء ولكن كان هناك سجين من بين السجناء ويدعى «شميدت» محكوما عليه بالسجن لفترة طويلة ورغم سوء معاملة الحراس لزملائه من النزلاء إلا أنه كان هو تحديدا يتمتع بمعاملة خاصة من قبل الحراس وكانت له بعض الامتيازات التى لا تتوفر لبقية المساجين ومعاملة شبه محترمة مما جعل بقية النزلاء يعتقدون أنه عميل للسجن مزروع وسطهم لكنه أقسم لهم أنه سجين مثلهم ولا علاقة له بأجهزة الأمن لكن لم يصدقه أحد وسألوه عن سر المعاملة الجيدة التى يحظى بها، ولما زاد إلحاحهم فى السؤال على أسباب فى حسن معاملته قال لهم حسنا ماذا تكتبون فى رسائلكم لذويكم كل أسبوع؟ 

فقال الجميع نحن نحكى لهم فى خطاباتنا عن قسوة السجن وغلظة الحراس ورداءة الطعام والظلم الذى نتعرض له على أيدى هؤلاء الحراس الملاعين. 

ابتسم السجين شميدت وقال: أما أنا فى كل أسبوع أكتب رسائلى لزوجتى وفى السطور الأخيرة أذكر بعض محاسن الحراس وعطفهم على واكتب كثيرا عن رقتهم وكرمهم لكن السجناء تساءلوا من جديد وما دخل هذا كله فى الامتيازات التى تحصل عليها وأنت تعلم قسوتهم فى المعاملة؟

قال لهم إجابة على سؤالهم أن جميع الرسائل التى نكتبها لا تخرج من السجن إلا بعد أن تراجعها إدارة الحراس ويحللون كل كلمة ويسجلون كل صغيرة وكبيرة فيها ولذا عليكم الآن أن تغيروا طريقة كتابة رسائلكم 

تفاجأ السجناء بأن جميع الحراس تغيرت معاملتهم للسجناء الى الأسوأ وحتى شميدت نال النصيب الأكبر من المعاملة السيئة، وبعد أيام سأل شميدت بعض السجناء وقال لهم ماذا كتبتم فى رسائلكم فقالوا جميعا: لقد كتبنا أن «شميدت» علمنا طريقة جديدة لكى نخدع الحراس الملاعين الأغبياء ونكسب ثقتهم ورضاهم. 

هنا كاد السجين «شميدت» أن يسقط أرضا ويغيب عن الوعى وأخذ يلطم خديه حسرة ويشد شعر رأسه ألمًا من غباء السجناء وظل يردد أنا الملوم فقد أذعت سرى فلم يعد سرًا.