الثلاثاء 21 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
عن ثورة يونيو.. التاريخ يقول!

عن ثورة يونيو.. التاريخ يقول!

الآن ونحن نعيش أجواء شهر يونيو الذى أصبح علامة فارقة فى تاريخ مصرنا المحروسة بقلوب أبنائها الشرفاء، وكم من تواريخ فى سجل نضالنا الطويل؛ تستحق الوقوف للتأمل والرصد والتوثيق ــ بأقلام محايدة بكل ماتمليه الضمائر الأمينة ــ لكتابة وقائع الواقع المُعاش التى تمر علينا؛ وتبيان مدى التأثير تاريخيًا وجغرافيًا.



أقول ونحن نعيش أجواء هذه المشاعر الجياشة: هل هناك ما يمنع أن نتخيل ماذا ستقرأ الأجيال القادمة فى الصحف والمجلات عن ثورة يونيو بعد خمسين عامًا مثلاً؟! ومن أى زاويةٍ سيكون التناول عن إرهاصاتها ونبضاتها الأولى فى قلب كل مصرى شريف غيور على وطنه وأمته؟ 

إنه محض سؤال من بنات أفكارى؛ ولكنى سأطلق العنان لخيالى لأقرأ أعمدة الصحف والمجلات؛ ورصد أصحاب الأقلام الذين كتبوا عنها وعن أحداثها بدقة من كل الزوايا الاجتماعية والسياسية والأمنية والاقتصادية .. وأيضًا الفنية!

يقينا ستكون الرحلة بين السطور رحلة شائقة عامرة بصدق التوثيق والأمانة فى نقلها للأجيال التى لم تحظ بشرف المعاصرة لأحداثها الثقال والجسام.. ولتظل ثورة يونيو تاريخًا مجيدًا وبداية عصر يسجل لانتصار الهويَّة المصرية وإعلاء إرادة الشعوب؛ وبرهانًا قاطعًا على أن الشعب المصرى يعمل دومًا على تعزيز الانتماء والولاء للوطن وقياداته من رجالات جيشه الذى لم يحد قيد أنملة عن مبادئه السامية لحماية ترابه المقدس.    

واليوم ــ  لنا أن نتخيل ــ  أننا على مشارف الربع الأخير من القرن الواحد والعشرين.. لنقرأ بعض الأوراق التى تناولت تلك الثورة وبداية توالى أحداثها المتسارعة فى نهايات السنوات العشر من مطلع هذا القرن:

وتتوالى بين أيدينا الأوراق الناصعة كشهود على ثورة يونيو المجيدة: 

«... مخطئ من يظن أن هذا الشعب قد تقاعس تجاه الطبقة الحاكمة التى لم تراع مصالحه وتطلعاته فى العيش الحر الكريم، فقد أعلن رفضه لحكم الفاشية الدينية الظلامية ومشروعها التسلطى المضاد للمعايير التاريخية والحضارية المصرية التى قامت على أكتاف المخلصين من أبنائه فى كل العصور؛ زمرة الفلول الفاشية التى استطاعت بالخديعة واللعب على عقول الجماهير ــ آنذاك ــ  تزوير الإرادة الجماهيرية قبل تزوير صناديق الاقتراع بمعاونة الأجهزة الخارجية وعصابات الفاشية المتأسلمين، ليبدأ زحف الجماهير الغاضبة لتأييد وتعضيد موقف أبناء القوات المسلحة فى امتلاك السلطة ونبذ كل العناصر الدخيلة التى جاءت لتنفيذ أجندات الغرب الطامع فى وقف تقدم مصر التاريخى نحو تشييد (مصر الجديدة) التى نراها اليوم بكل العظمة والازدهار على الساحة العالمية.. وبكل الجمال والرفعة بعد خمسين عامًا من انتفاضة هذا الشعب العظيم التى حملت اسم ثورة يوليو ...».

وهناك ورقة أخرى.. تحكى أسباب وخلفيات قيام ثورة يونيو فى العام 2013 من القرن الواحد والعشرين:

 «... لقد ثبُت للشعب المصرى العظيم؛ صاحب المشاعر المُرهفة التى لاتخطئ أبدًا فى قياس وطنية من يجلسون على سُدة الحكم! أن احتلال مايسمى بـ «مندوب الإخوان» للقصر الجمهورى ممثلاً ـ بالخديعة ـ للنظام الحاكم فى مصر؛ خير دليل على أن هؤلاء القوم ليسوا بمسلمين وأنهم لعبوا تلك اللعبة الخبيثة باسم الدين ـ والدين منهم براء ـ للانقضاض على مفاصل الدولة، ولكن كان الشعب المصرى لهم بالمرصاد دقيقة بدقيقة وخطوة بخطوة بكل الجديَّة والحرص على مقدراته؛ وفات هؤلاء الأغبياء وضع التقدير الصحيح لقوى الشعب المصرى وقوته الناعمة وجيشه الباسل بقيادته التى تخطت الحواجز؛ وخرج من بين صفوفه زعيم يحمى الوطن وشعبه الذى أنقذ بدمائه مبادئ الحرية والكرامة على مدى التاريخ.. ولتحظى ثورة يونيو بهذا النقاء والبقاء فى أذهاننا بالذكرى الطيبة حتى يومنا هذا، وتحتفظ أيضًا بكل مانُسب إليها من استكمال البنية التحتية للمبانى والمشروعات السيادية والطرق والكبارى التى أسهمت فى استمرارية ونجاح المشروعات العملاقة فى مجالات الصناعة والزراعة والتكنولوجيا العصرية المتقدمة...».

والآن .. وفى غمرة قراءتى للأوراق التى تتحدث عن «ثورة يوليو» بعدما يزيد على خمسين عامًا، كنت أتمنى أن أقرأ عن ماذا كتب السادة المؤرخون عن الأعمال الفنية ــ مسرحيًا وسينمائيًا ــ التى تقوم بالتوثيق الصادق والحقيقى لأحداثها ساعة بساعة ولحظة بلحظة؛ ورصد البطولات التى حققها الجيش المصرى بمساندة المطالب الشعبية المشروعة؛ وكتابة الخلود لأسماء من قاموا بكل الأعمال البطولية قبل وأثناء وبعد الثورة.

ولكننى  للأسف الشديد ــ لم أجد إلا النذر اليسير الذى لايتواءم مع حجم الانتصارات التى تحققت على أرض الواقع؛ ولم أجد سوى الحديث عن بعض «الأفلام التسجيلية» لجموع الشعب الزاحف فى الشوارع والميادين.. بداية من «جمعة الغضب» حتى نجاح الثورة واستقرارها وانتصار الإرادة الشعبية التى لاتُقهر. 

إننى أهيب بالوزارات السيادية ــ وعلى رأسها بالطبع وزارة الثقافة المصرية ــ ؛ وبالتضامن والتضافر مع كتائب مدينة الإنتاج الإعلامي؛ للبدء فى إنتاج الأفلام السينمائية التى تجسِّد بطولة الفنانين الذين عاصروا الأحداث ــ قبل أن تدهسهم عجلة الزمن ــ كى لا نفتقد الإحساس النابض بقلوبهم التى عاصرت الأحداث لحظة بلحظة؛ ونتدارك الأمر قبل أن تضيع المعالم الحقيقية التى عاشها الشارع المصرى فى زخم الوقائع والأحداث.

إنه نداء من القلب؛ وأعتقد أننى أحمل وجهة نظر ـ بصفتى الأكاديمية ـ شريحة كبيرة من صفوف القوى الناعمة المصرية؛ وهى الفئة التى تُعد المصدر الصادق والوحيد لتوثيق انتصارات الثورة المصرية العظيمة.. 

وكل «يونيو» وشعبنا المصرى الجسور المُسالم وقيادته الوطنية وجيشه وشرطته فى خير وسلام.