الأحد 28 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
عبد الحليم البرجينى: مجلة سمير احتضنت رسوماتى للأطفال!

عبد الحليم البرجينى: مجلة سمير احتضنت رسوماتى للأطفال!

ولد الفنان عبد الحليم البرجينى بقرية «البرجاية» أو «البرجين» نسبة إلى برجين كبيرين كانا على مدخل القرية، وتعلم فى كتاب القرية ثم فى المدارس الابتدائية إلى أن تخرج فى كلية الفنون الجميلة فى القاهرة فى العام 1955، متخصصاً فى « الجرافيك» وكان فى الحادية عشرة، عندما فقد أباه مدرس البلاغة فى كلية اللغة العربية، فاضطر أن يبحث عن عمل يساعده على إتمام دراسته، فعمل مصححا للغة فى دار أخبار اليوم . وفى السنة الأولى فى الكلية وقبل قيام الثورة بشهور، فاز البرجينى بالجائزة الأولى فى مسابقة «مختار» فنقله على أمين إلى مجلة «الجيل الجديد» والتى تصدر من مؤسسة أخبار اليوم، حيث أتاح له أن يكون كاتبًا ورسامًا..  ثم تولى بعد ذلك مسئولية تحرير ركن « أخبار الفن» فى جريدة الأخبار إلى أن تخرج فى كلية الفنون... وفى العام 1973 عمل مشرفًا فنيًا لمجلة «درع الوطن» الشهرية ومطبوعات مديرية التوجيه المعنوية فى الإمارات العربية وبقى فى الدولة خمسة وعشرين عاما متصلة ثم عاد إلى مصر ليحكى لنا ذكرياته الجميلة وطفولته الرائعة.



طفولة رائعة

كانت طفولة غنية ورائعة، فكنت أرى يومياً «الأوز» وهو يستحم فى البحيرة الصغيرة التى تمر بمنزلنا وكان بها ماء عذب يظل الأوز يستحم بها طوال اليوم، ولا يعود إلى المنازل إلا فى المساء، ومناظر الفلاحين وهم ذاهبون وعائدون من وإلى الحقول، والمساحات الخضراء الشاسعة التى كنت أراها حينما أطل من شرفة منزلى الريف كل هذه المشاهدات اختمرت بداخلى فبدأت أشخبط ببراءة وتلقائية على جدران المنزل، فاشترى لى والدى سبورة حرصا منه على نظافة جدران البيت وبمرور الوقت، تكونت لدى ذاكرة بصرية مزدوجة بكل ملمح شاهدته، وأصبحت قادرًا على رسم الوجوه والأشجار والأبواب والطرقات. وبالتدريج بدأت أجتر زحام الصور المختزنة وأسقطها رسما على الورق.

رسوماتى فى الصحف هى المعرض

المساحة المناسبة للفنان الصحفى فى صحيفة أو مطبوعة أصحبت هى المعرض الذى يلتقى فيه الفنان بجمهوره، وهو ما صرفنى عن معارض الجدران، غير أن الكثير من أعمالى التى قدمتها للنشر، سواء فى الصحف أم المجلات أو الكتب اختفت أصولها ولم أجدها، وهو ما اعتبرته مردودًا يعبر عن رغبة بعض المتلقين فى اقتنائها، وعلى الرغم من أسفى لذلك فإنه كان يسعدني. غير أننى شاركت فى بعض المسابقات، حيث فزت بالجائزة الأولى فى مسابقة « مختار» فى العام 1952، عندما كنت طالبا فى السنة الأولى فى كلية الفنون الجميلة، وفزت بجائزة المجلس الأعلى للفنون والآداب فى العام 1959، وفزت بالجائزة العالمية الأولى فى مسابقة للرسم الصحفى فى ايطاليا العام 1984 .

ريشة وقلم

وكان لى شرف المشاركة الإعلامية بالريشة والقلم فى مطبوعات القيادة العامة للقوات المسلحة فى أبو ظبي، حيث كنت أعمل مشرفًا فنيًا، وكان أهم ما قدمته بابا ثقافيا سياسياً بعنوان «معان وراء الكلمات» وبعض الرسوم الكاريكاتيرية السياسية.. كما كنت أقدم يوميا رسما كاريكاتيريا سياسيا فى جريدة «الوحدة» ولا أذكر أننى تعرضت يوما للاعتراض  على فكرة ما، على الرغم من حدة الأفكار والتعليقات التى كنت أتناولها... كانت تجربة ثرية أفادتنى كثيراً وكان لدى رغبة أن أجمعها فى كتاب.

رحلة حافلة

كانت مجلة «سمير» المصرية هى أولى مجلات الأطفال التى عملت بها فى العام 1963. وقد تأثرت كثيراً بحماسة نتيلة راشد رئيسة التحرير فى ذلك الوقت، كما أن أول كتاب للأطفال رسمته كان من تأليف كاتب الأطفال المعروف عبد التواب يوسف بعنوان «خيال الحقل» وقد تقرر هذا الكتاب بعد ذلك على المدارس المصرية الإعدادية، ثم توالت رسومى لكتب عبد التواب يوسف وسمير عبدالباقى فى دار المعارف.. ثم فى مجلة «كروان» المصرية، وفى دولة الإمارات، شاركت بالرسم فى العدد الأول من مجلة «ماجد» الإماراتية للأطفال، ثم توقفت لازدحام وقتى بالعمل فى القيادة العامة للقوات المسلحة، غير أنى وبدعوة كريمة من أحمد عمر مدير تحرير مجلة ماجد  الإماراتية للأطفال.. عدت لكتابة قصص الأطفال ورسمها فى مجلة ماجد، بعد ما عدت إلى القاهرة.

وكان قد أسعدنى كثيراً فى دولة الإمارات لقائى الإعلامى الكبير المرحوم الأستاذ تريم عمران تريم وفى حضور الفنان حامد عطا رسام الكاريكاتير فى جريدة « الخليج» حيث تحدث الأستاذ تريم بحماسة عما ينبغى أن يراعيه الكاتب والرسام عند التعامل مع الأطفال فى هذا العصر.

فحواديت جداتنا وما يماثلها كالبساط السحرى والبلورة السحرية لم تعد تجدى مع أطفالنا مع وجود الطائرة والتليفزيون فضلا عن الكمبيوتر الذى استغرق أطفالنا و احتواهم بمصطلحاته.

أحب هؤلاء 

من أبرز رسامى الأطفال فى مصر: حجازى ومحيى الدين اللباد وعبدالعزيز تاج وعصام الشوربجى ووليد نايف والدكتور علاء الدين سعد أبو بكر وكثيرون لا تسعفنى الذاكرة لذكر أسمائهم.. ولكن أكثر ما أسفت له هو توقف مجلة «الصبيان» للأطفال فى السودان عن الصدور منذ زمن، ما جعل فنانها الكبير شرحبيل أحمد والذى كان يرسم أيضا آنذاك فى مجلة سمير يتفرغ تماما للغناء.

لها هدف مدروس

تتميز بعض مجلات الأطفال الأجنبية بفهرسة المواد بحسب الهدف المقرر لها من قبل هيئة تحرير المجلة، فهم مثلاً يضعون فى أعلى الفهرس أفقيا جدولا خاصا بالإملاء والرياضيات والتاريخ والجغرافيا والكيمياء والتربية والذكاء... إلخ ، ثم يضعون فى هذا الفهرس أمام عنوان المادة المفهرسة رأسا وتحت خانة الإملاء والتاريخ والذكاء مثلاً، علامة صح، أى أن هذه المادة تستهدف الاهتمام بالإملاء والتاريخ والذكاء.. فيسترشد بها الأب أو المدرس وهو يطالع المجلة مع الطفل.

ثم إن بعض مجلات الأطفال فى فرنسا اختارت أن تصدر فى حجم الجريدة اليومية إغراء للأطفال بالتشبه بالآباء والمدرسين واتخاذهم أسوة لهم تأكيدا لتواصل الأجيال.. إذ لوحظ أن الصغار والصغيرات يحبون استعمال أحذية أبائهم ونظاراتهم وأقلامهم وكثير من أدواتهم فى غياب أبائهم تشبها بهم.

أما مجلات الأطفال العربية، فينقصها التفسير المبسط للمصطلحات الشائعة على السنة الكبار فى المجتمع ، ثم أن مجلاتنا العربية تكاد تكون موادها محصورة فى التاريخ والسلوك والتراث مع تجنب الإجابة عن الأسئلة التى يجد الآباء والكبار فى المدن حرجا فى الإجابة عنها.