
محمود عبد الكريم
من يملك مفتاح الإيمان؟
فى مجتمعاتنا كل شىء سهل، الوصم بالإلحاد فى سهولة الوصف بالإيمان، كل واحد منا لديه مفاتيح الجنة والنار وله أن يصنف هذا مؤمنا وذاك كافرا وهذا إيمانه ليس كما ينبغى وهذا مؤمن من حقه أن يكون بالجنة، لقد مرت علينا فترة تحول فيها بعض المشتغلين بالوعظ الدينى إلى قضاة فى محاكم التفتيش فى النوايا، يكفرون هذا ويهدرون دم هذا حتى تولد لدينا شعور بالقبلية والعدمية وأن حياتنا رهن رضا هؤلاء المكفراتية الذين نصبوا أنفسهم كأنصاف آلهة يمنعون ويمنحون!
لقد تصور بعضا من هؤلاء أن الإيمان من اختصاصه وأنه يحيط بكل شىء علما وبيديه مفاتيح التوبة وصكوك الغفران والحقيقة أن الإيمان ليس ملكا لأحد من الناس إن شاء الله وهبه وإن شاء استرده، فالإيمان هو السبيل الواحد إلى رضى الله ومن يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادى له.
لم يقر الإسلام لأحد حق السيطرة على العقيدة والهيمنة على القلوب لأن ذلك بمنتهى البساطة حق الله وحده يجزى به المؤمنين ويعاقب من كفر ويجزى المحسن (لا إكراه فى الدين قد تبين الرشد من الغى فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم ).
الذين نصبوا أنفسهم أوصياء على الدين وكأن بأيديهم مفاتيح الجنة والنار واستخدموا كل آيات التخويف والترهيب والعذاب لإخضاع البسطاء لرؤياهم وتفسيرهم مدعومين بفكر متطرف مستورد لتحقيق مزيد من الأرباح والمزايا من دروسهم وعظاتهم فى المساجد والزوايا وبينما هم يستزيدون من خيرات الحياة يعانى مريدوهم وأتباعهم من صعوبة العيش وشظفه، بينما هم ومن يدعى (بضم الياء) بالشيخ من مشايخ الفضائيات والزوايا والأماكن وأولادهم يرفلون فى الرفاة والنعيم…
الدين الذى ينطق بالآية السابقة لا ينبغى أن يرغم عليه الناس أو يتم تخويفهم بآيات معينة منه ولا يصح أن يحال بينهم وبينه بأسوار من الوهم والخرافات بل يجب أن يظل كما كان أيام سيدنا محمد لا زيغ فيه ولا تصنيف ولا انقسام بين سنة وشيعة وغيرها من المستحدثات التى لم ينادى بها الرسول الكريم.
لقد ركبت فئة من المشتغلين بالتفسير والاجتهادات الشخصية بدون ذكر أسماء رقاب الناس وعقولهم وفرضوا تفسيراتهم المتطرفة حتى انحرفت جموع كبيرة من الطريق القويم للإسلام أو اتجهوا إلى الإلحاد.
أيها المزايدون على الإسلام أوقفوا حيلكم والرياء فى الدين الذى حولتموه إلى مصدر للدرهم والدينار وتكديس الثروات.