
محمود عبد الكريم
الأدب المكشوف والأدب المستور
فى الأدب العربى هناك مايمكن أن نسميه الأدب المستور والأدب المكشوف، والصلة بين الأديب والقارئ لها وجوه مختلفة تحدد ذوق القارئ واختياراته الأدبية، فهناك كاتب يكتب أدبا يعتمد على التصريح الواضح والصور الجلية وهو من النوع الذى يفضله بعض القراء لوضوحه وصراحته ووصوله الى عقل ومشاعر القارئ مباشرة وهو مايمكن أن نسميه بالأدب المكشوف مجازا، وهو ذلك النوع من الأدب الذى يسمح بوصف العلاقات الإنسانية بوضوح وألفاظ صريحة وحتى ذلك الجانب من العلاقة الحميمية بين الرجل والمرأة لايتورع فى التعبير عنها بصراحة بعكس الأدب الذى يمكننا وصفه بالأدب المستور حيث يصورالكاتب فيه مثل هذه العلاقات تصويرا رمزيا يفهم بالإيحاء ويفضله القراء المثقفون والراسخون فى العلم والأدب.
والأديب فى العموم مقيد بطبعه ومزاجه من ناحية ومقيد بالبيئة المحيطة به من ناحية أخرى، ولكنه يستطيع أحيانا أن يثور على القيود المرتبط بها وأن يحطم بعض هذه القيود من حين لآخر فتطغى قدرته الفنية على اللغة أحيانا وعلى القوانين الفنية أحيانا أخرى فيسمى مجددا، ولكن إذا لم يكن الأديب أو الكاتب والروائى حرا فى الإبداع ومقيدا بآراء وأفكار البعض من دعاة التشدد والتحريم كما حدث فى فترة من تاريخ مصر فإنه لا يكون فى هذه الحالة قادرا على انتاج الأدب المكشوف ولا حتى المستور.
وعبر العصور كان هناك مايسمى بالأدب المكشوف وهذا يتحدد حسب البيئة والمناخ المحيط بها حدث مثلا فى العصر العباسى حيث يتسلط على الأدباء كتابة الأدب المكشوف الصريح وفى عصور أخرى يتسلط على الأدباء كتابة الأدب المستور وكلا النوعين من الأدب له قرائه.
أما ما يحدد نوع هذا الأدب فهو الذوق العام حيث ينتج أدبا مكشوفا أو أدبا مستورا ويؤثر فى ذلك أيضا الحرية التى يعيشها الأديب ودرجة الترف فى المجتمع ودرجة التدين والمبدع يفضل ألا تكون عليه أية قيود خاصة القيود المجتمعية التى يحددها ويؤطرها درجة تدين المجتمع، فالمجتمع المقيد بالقيود الدينية والحلال والحرام لا يعف إلا الأدب المستور وإذا زادت المغالاة فى التدين يظهر ما يمكن أن نسميه بالأدب الرمزى، وهو الأدب الذى يرمز إلى الألغاز والرمز بغير تصريح والإيماء والإشارة.