
احمد زغلول
الخلاص لموظفى القطاع الخاص
طيلة 18 عامًا ومنذ صدور قرار إنشاء المجلس القومى للأجور عام 2003، ارتفعت أصوات ما يزيد على 13 مليون موظف يعملون بالقطاع الخاص لإقرار حد أدنى لأجورهم، إلا أن تلك المطالبات كانت لا تتجاوز حناجر المطالبين فتكتمها سطوة رجال الأعمال، ونعومة يد الحكومة فى مواجهة مثل هذه القضايا على مدار سنوات طويلة.
ورغم إقرار حد أدنى لمرتبات موظفى الحكومة فى أعقاب إنشاء المجلس القومى للأجور وزيادة هذا الحد أكثر من مرة تدريجيًا وصولًا إلى مستواه الحالى البالغ 2400 جنيه بدءًا من مرتبات يوليو.. إلا أن الحكومات المتعاقبة كانت تخشى أن تضع يدها فى حلق السبع ممثلًا فى القطاع الخاص لانتزاع حقوق العاملين به، وكان التعلل دائمًا بأن مثل هذا القرار يمكن أن يؤثر سلبًا على الاستثمار، وسيدفع رجال الأعمال إلى تقليل حركة التوظيف.
لكن يبدو أن مثل هذه الأفكار وتلك العلل المُتكررة التى ما إن كنت تهمس بعبارة أجور القطاع الخاص حتى ينفتح صنبور التبريرات، قد انتهى وقتها، وقد اختارت الحكومة الحالية أن تضع حدًا لمعاناة العاملين بالقطاع الخاص، مُصدرة قرارا مهمًا بفرض حد أدنى لأجور هؤلاء الموظفين بقيمة 2400 جنيه، وإلزام أصحاب الأعمال بهذا الحد بدءًا من يناير المقبل.
ويعتقد البعض أن هذا الرقم فى القطاع الخاص غير موجود أصلًا، باعتبار أن ما يتم الإعلان عنه من مرتبات فى شركات كثيرة يزيد علي ذلك بكثير، لكن الحقيقة المُرة والمؤسفة أن شركات كثيرة ورجال أعمال تمتلئ حساباتهم بأرباح خيالية يتم تحقيقها من عمل موظفين وعمال مهضوم حقهم.. هؤلاء العاملون لا يحصلون حتى على نصف قيمة الحد الأدنى للأجور، فى الوقت الذى لا يتهاون فيه صاحب العمل عن أى تقصير.
تحضرنى هنا شكاوى عديدة أتلقاها من موظفين وعمال بشركات كثيرة أجورهم لا تزيد على 1000 جنيه شهريًا، وآخرها موقف جمعنى بموظف أمن فى أحد البنوك، حيث كنت متوجهًا لحضور مؤتمر صحفي، فاستوقفنى ذلك الموظف، ليوصينى بإيصال صوته إلى مسئولى البنك علّهم يحلون مشكلته.
وشرح لى أنه موظف بإحدى شركات الأمن الخاصة التى قامت بتوزيعه للعمل بأمن البنك، مؤكدًا أن مرتبه لا يزيد على 1000 جنيه شهريًا نظير 8 ساعات عمل يوميًا، وأنه يأتى من محافظة أخرى ولديه أطفال فى مدرسة، مؤكدًا أنه وكل زملائه فى الشركة يتقاضون مرتبات فى حدود هذا الرقم، فى حين أنهم لا يعتقدون أبدًا أن الشركة تحصل على هذه المبالغ الهزيلة نظير الأمن من البنك أو غيره من المؤسسات التى يتولون حراستها. لذلك أجد أن قرار الحد الأدنى لأجور القطاع الخاص هو المظلة التى ستوفر الحماية لصغار الموظفين والعمال بالشركات الخاصة، وهو قرار يستحق الإشادة، كما أنه يستحق الكثير من الجهد من جانب الحكومة لضمان تنفيذه وعدم الالتفاف عليه.