حرمة المقابر.. وصنع الشياطين

السحر فى الاصطلاح الفقهى هو مزاولة النفوس الخبيثة لأقوال أو أفعال ينشأ عنها أمور خارقة للعادة وهذا المفهوم قاله الشافعية، والحنابلة قالوا عن السحر بأنه عقد ورقى وكلام يتكلم به أو يكتبه أو يعمل شيئا يؤثر به فى بدن المسحور أو قلبه أو عقله من غير مباشرة له.
وهناك ألفاظ تقترب من السحر كالعزيمة وهى القسم بأسماء معينة لأفراد وقبائل من الجن، وهناك الطلاسم التى يقولون إنها تتعلق بالكواكب، وهناك الوقاف وهى أعداد توضع فى أشكال هندسية على وضع مخصوص.
والسحر فى أصله لا حقيقة له عند جمهور الفقهاء لأن الله سبحانه تعالى أخبر عن سحرة فرعون فى قوله عز وجل: «فلما ألقوا سحروا أعين الناس، وقال تعالى: «فإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَىٰ»، أما الحكم التكليفى فعمل السحر محرم أجمالا ونقل الإمام النووى الإجماع على ذلك، وفعله هو كبيرة من الكبائر والأدلة على ذلك كثيرة منها قوله تعالى: «وألق ما فى يمينك تلقف ما صنعوا إنما صنعوا كيد ساحر ولا يفلح الساحر حيث أتى».. وقال سبحانه وتعالى: «وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ» وقال عن سحرة فرعون: «إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ»، وقال النبى صلى الله عليه وسلم : «اجتنبوا السبع الموبقات» ومنها السحر.
والإجماع قائم على أن السحر جريمة وملحق بباب الردة، وبعض الفقهاء يتجهون بتكفير الساحر بفعل السحر، وهو ما ذهب إليه الحنفية وقول عند الحنابلة، وأجمع الفقهاء على حرمة تعلم السحر، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «أن الرقى والتمائم والتولة شرك» والتولة شيء كان يصنع ويزعمون انه كان يحبب المرأة لزوجها.
وللأسف جريمة النبش فى القبور ووضع أعمال سحرية فيها أيا كان الهدف جلب نفع أو دفع ضر هو من الكبائر العظمى، وقد يصل إلى الكفر فالموتى آمنون فى قبورهم بلطف الله اللطيف، ولقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن توطأ القبور أو ينبش عليها «أى تفتح لاستخراج الجثامين» ولا يجلس عليها، فما بالنا بمن يحملون صنع شياطين الإنس والجن ويجعلونه مع جثامين الموت فهذا منكر عظيم وشر كبير.
ولابد من سن العقوبات الشديدة لمنع هؤلاء الأشرار من فعلهم، لأن الشرع المطهر نهى عن هتك حرمات الموتى، وهتك حرمات القبور، حيث إنه من المعلوم أن الإنسان مكرم فى حياته ومماته حيث قال تعالى: «وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِى آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِى الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً» والقبور هى مساكن الموتى ولها حرمات، فالقبر مسكن الميت لا يعتدى عليه ولا ينبش ولا يدخل فيه الأعمال السحرية، ولا يؤخذ منه عضو من أعضائه .
وأوصى إلى جانب فرض التدابير العقابية لمن يقومون بوضع أعمال السحر فى القبور أن يتم تكثيف التوعية الدينية وأن تتناول وسائل الإعلام التوصيات على ذلك، حتى نعالج تلك الأفكار والأمراض الاجتماعية الراسخة فى أذهان البعض الذين يقومون بتلك الجرائم المنكرة.