ما تكرر... تقرر
تعريف السحر فى اللغة هو كل أمر يخفى سببه ويتخيل على غير حقيقته ويجرى مجرى التمويه والخداع وتأتى الآية 116 من سورة الأعراف لوصف سحرة فرعون واعتقاد الناس فيهم بأنهم –بسم الله الرحمن الرحيم «قَالَ أَلْقُوا، فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ
وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ» صدق الله العظيم- أى إن السحرة استخدموا مزيجا من إلقاء الرعب فى قلوب الناس واستخدام الوهم والإيحاء وفى هذه الحالة قد ترى أعينهم ما ليس حقيقيا ومن هنا جاء تأثير السحرة وأغلب السحرة كذلك بالفعل.
ليس الحديث اليوم عن السحر وأنواعه وما تم ذكره فى القرآن الكريم والممارسات الحالية فهذا أمر يطول الحديث فيه وله المتخصصون فى جوانبه المختلفة ولكن لدينا مثل شعبي يقول «الزن على الودان أمر من السحر» أى إن تكرار الكلام والحديث فى أمر ما بتكرار مستمر يكون له فعل مثل فعل وتأثير السحر على الشخص المسحور وربما أشد وطأة فالحديث اليوم عما نتعرض له كل لحظة نطالع فيها وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعى المختلفة والتى يتناول مستخدموها أى موضوع بتكرار سخيف ولعدة أيام متتالية تلك التى يطلق عليها «تريند»Trend ولدينا فى هذا الإطار أمثلة متعددة حالية منها قضايا العنف بين المتزوجين أو الصراع الأزلى بين مشجعى الأهلى والزمالك وأخبار الفنانين وكوكب اليابان وغيرها من الأمور التى قد نأخذها على سبيل التسلية والفكاهة ولكن فى الحقيقة فإن تأثيرها خطير.
من الأمور الخطيرة أيضا كثرة النقد ونشر السلبيات بفظاعة تصيب المرء باليأس والإحباط بل وصل الأمر إلى التنمر على من يحاول الخروج من تلك الدوائر من خلال نشر الإيجابيات.
والحقيقة أننا فى المنطقة العربية نهوى جلد الذات بالحق فى بعض الحالات وبالباطل فى الكثير منها، لم نتعلم من الغرب ما يفعلونه وما يقومون به ولا كيف يتعاملون مع تلك الشبكات الخطيرة.
الحل ببساطة أن نشعر بأن علينا واجب حقيقى بنشر الإيجابيات من أفعال واستعراض ما نفخر به من قيم ونعطيها مساحة كبيرة لتتقلص السلبية ويزول الإحباط.
انتقاء الكلمات مهم جدا وحتى عندما نتحدث عن أمر غير مقبول فإن انتقاء الكلمات مهم جدًا فعلى سبيل المثال بدلا من أن يقول أحد منا «لا أريد أن أتأخر عن ميعاد العمل صباحا» يجب أن يغير من ألفاظه فيقول مثلا «يجب أن أذهب إلى عملى مبكرا» المعنى واحد ولكن استخدام الألفاظ الإيجابية له مفعول السحر.
أبسط حقيقة نعلمها جميعا أن الكثير من الأمراض والأسقام ناجمة عن الضغوط النفسية وضيق الصدر فيكون انعكاسها على الأجساد ثم عندما نمرض نصاب بالتوتر والحزن المضاعف وهو ما يؤثر علينا سلبا مرة أخرى وعليه فإننا نستمر داخل تلك الدوائر والحلقات المفرغة التى نصنعها نتيجة ما نفكر فيه وما نقوله ونكرره.
تغريدة: كن جميلا ترى الوجود جميلا.
