وسام الاحترام.. واستحقاق الفنان
ربما.. لأننى ضمن كوكبة من علماء اللغة العربية الأصيلة الرصينة؛ وبحكم معرفتى بأن اللغة كائن حى ينبض دائمًا بأجمل المعانى؛ ويمنح القدرة الفائقة على ترجمة أدق المشاعر الإنسانية؛ أجد أنه غالبًا مايشُد انتباهى؛ مدى تأثير «أفعل التفضيل» وانعكاسه بالإيجاب على مسيرة حياة وسلوكيات وتصرفات.. بل ونجاحات الأكثرية ممَّن يحملون فى ثنايا وطيات أسمائهم مفرداته وسماته؛ مثل: أمجد/أسعد/أنور/أيمن/أشرف... إلخ هذه الأسماء والمسمَّيَات التى تعيش معنا وبيننا فى المجتمع المصرى والعربى بوجهٍ عام؛ وأنا.. وإن قلت: ربَّمَا.. سيتولى الرد عنِّى ما تم نشره فى سطور صفحات مجلة «روزاليوسف» «الغراء» فى عددها الصادر بتاريخ ٢٤/٧/٢٠٢١؛ وفيه منحت وسام الاحترام للفنان الدكتور أشرف زكى رئيس أكاديمية الفنون ونقيب المهن التمثيلية فى سُنَّةٍ تستنّها لتكريم الشخصيات العامة ذات الدور الريادى البارز فى مجالها: عطاءً واقتدارًا كحارس من حرَّاس الفن الأوفياء.
ويجىء التكريم ومنحه «وسام الاحترام» وسط الإطار الذهبى بالصيغة الآتية: «روز اليوسف.. تُهدى وسام الاحترام إلى الدكتور/أشرف زكى؛ تقديرًا لدوره فى خدمة الفن؛ وحمايته من الأفكار المتشدِّدَة؛ طوال رحلته الفنية التى بدأت قبل ثلاثة عقود؛ وإجادته فى كل المواقع التى شغلها؛ بداية من عمادة المعهد العالى للفنون المسرحية؛ حتى رئاسة أكاديمية الفنون؛ ومرورًا برئاسته البيت الفنى للمسرح؛ وتوليه نقابة المهن التمثيلية؛ ورئاسة اتحاد الفنانين العرب.. دُمت حارسًا ومدافعًا عن رسالته».
ولعلى أضيف من الشعر بيتًا لأقول: إن هذا الفنان كان له الفضل عند توليه رئاسة الأكاديمية فى العام 2018؛ بإصدار قراره الجرىء بتأسيس متحف الفنون الشعبية بمقر منفصل مجاور للمعهد العالى للفنون الشعبية؛ والذى يُعد خطوة مهمة فى استكمال المنظومة العلمية والعملية والفنية والجمالية للمعهد؛ وقد جاءت هذه الخطوة تالية لتاسيس مركز الدراسات الشعبية (الفولكلورية)؛ ليكون أول مركز فى الشرق الأوسط كله. وعن دوره داخل أروقة الأكاديمية فحدث ولا حرج من مجهودات عظيمة فى تحديثها وتطويرها بما يتلائم مع كونها صرحا وقلعة للفنون متفردة على مستوى الشرق الأوسط.
وبالتأكيد.. فإن المتابع المُحب لسيرة ومسيرة هذا الإنسان الفنان ــ وهو الذى يحمل فوق أكتافه خلاصة خبرة سنوات العمر؛ مذ خرج إلى نور الحياة المصرية فى الساعات الأخيرة من ديسمبر 1960ــ يهمُّه بالضرورة أن يقوم بالاطلاع على حيثيات منحه «وسام الاحترام» إضافة إلى إطلالة سريعة على السيرة الحياتيه الشخصية ـ كعادتنا وطبيعتنا فى شرقنا العربى لا لمجرد التلصص من النوافذ الخلفية وحب الاستطلاع؛ ولكن لزيادة التأكيد على عشق هذا الفنان وما يقدمه من وجبات فنية تثرى الروح والقلب والوجدان.
فهل لنا أن نبحر فى بحار هذا الفنان الشامل؛ لنقف على بعض ملامح سيرتة ومسيرتة- لضيق مساحة المقال-: فهو مخرج مسرحى وممثل؛ تخرج فى المعهد العالى للفنون المسرحية قسم تمثيل وإخراج؛ وبدأ حياته الفنية كممثل من خلال المسلسلات التلفزيونية، مثل (خالتى صفية والدير، جمهورية زفتى، أم كلثوم. شارك فى العديد من الأفلام السينمائية بأدوار مؤثرة. ومن أهم أعماله كمخرج مسرحى ضحك ولعب ومزيكا، عائلة الفك المفترس، كحيون ربح المليون. وحاز على جائزة التفوق فى العام 2009، وجدير بالذكر أنه تزوج من الممثلة الجميلة (روجينا) وأنجبا ابنتين: مايا ومريم.
وآن لنا أن نعود إلى تتبع مسيرتة الفنية التى خاضها جنبًا إلى جنب مع السياق تنظيميًا وإداريًا.. فنجده قد شغِل منصب نقيب المهن التمثيلية حتى استقال فى أحداث ثورة 25 يناير؛ بعد ارتباط اسمه بمناهضة التيار الإرهابى الذى أراد أن يقوم بتحجيم دور الفن والفنان؛ وارتبط اسمه ـ وقتذاك ـ بتسييرمظاهرة مؤيدة للحكم الشرعى فى البلاد ـ وان اختلف مع سياساته التى مارسها فى ثلاثين عامًا من الحكم ــ ولكنها طبيعة الفنان الذى يؤمن بدور الفن فى تحقيق التغيير دونما إراقة للدماء أو إطلاق رصاصة واحدة ـ ولو معنويًا ـ حتى لاتصيب العقل الجمعى بالشلل فى ربوع الوطن!. ولكنه فى النصف الثانى من فبراير 2011 تم تعيينه رئيسًا لجهاز السينما، ولم يلبث فى المنصب بضعة أيام ثم استقال بسبب اندلاع بعض المظاهرات الفئوية داخل المؤسسة، والتى لاذنب له فى اندلاعها. وكان أثناء فترة رئاسته للنقابة أثار جدلًا كبيرًا حول قراره بتحديد عدد الأعمال التى يقوم بها الممثلون الأجانب فى مصر للعام الواحد سواء فى التليفزيون أو السينما.
ولعل مواقفه الأخيرة الصريحة ضد كل من يحاولون تشويه وتقزيم دور الفن فى المجتمع؛ وفى حياة الشعوب بصفةٍ عامة؛ يعطى له هذه الجدارة فى نيل شرف استحقاق «وسام الاحترام».. لتظل للفن والفنان هيبته وتعظيم دوره فى المجتمعات بصفةٍ عامة.. ومجتمعاتنا الشرقية بصفةٍ خاصة.
شكرًا.. لكل من أسهم فى هذا التكريم المستحق لهذا الفنان العبقرى المؤمن برسالة الفن والفنان.. ولا خاب من اسماك (أشرف) لتزين بكل الجمال: أفعل التفضيل»!!