الجمعة 15 أغسطس 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
الشيخ حسن طوبار.. المليونير الثائر

الشيخ حسن طوبار.. المليونير الثائر

كان الشيخ حسن طوبار أول مليونير تعرفه مصر، وعندما غزا  نابليون  مصر لقى من المقاومة مالم يكن يتخيل  لكنه كان ينتصر بفضل أسلحته الحديثة والبنادق المتطورة التى أرعبت المواطنين الأبرياء من المصريين الذين لم يكونوا أهل حرب أو قتال بعد أن استأثر الأرقاء البيض «المماليك» بالأمور العسكرية  لكنهم رغم ذلك لم يطوروا سلاحهم الذى اقتصر على الفروسية المصحوبة بالشجاعة والمهارة القتالية من على ظهور جيادهم، ورغم ذلك عندما دخلت قوات نابليون الدقهلية فوجئت بنوع آخر من المصريين وبرجل ليس كبقية الرجال اسمه حسن طوبار. 



كان حسن طوبار زعيمًا وشيخًا للصيادين جميعًا بالمنزلة إحدى مديريات الدقهلية وقد دخلت التاريخ بسبب قوة وشجاعة رجالها وكانوا _معظمهم_ من الصيادين من ذوى البأس الشديد. وكتب المؤرخ الفرنسى «ريبو» يصف سكان هذه المنطقة فى كتابه «تاريخ الحملة الفرنسية فى مصر» إن قومها أشداء ذوو نخوة، ولهم جلد وصبر وهم أشد قوة وبأسًا من سائر المصريين، ثم هم أغنياء بعملهم فى الصيد ولهم فى البحيرة مابين 500 و600 مركب صيد تجعلهم أسياد البحيرة ورئيسهم وأقواهم وأغناهم الشيخ حسن طوبار الذى كان بمثابة رئيس كل رؤساء الصيادين، كان واسع الثراء محبوبًا من أهل المديرية وكان له وحده أسطول صيد يقدر كما تقول المصادر التاريخية ألف مركب  بينما قدره المؤرخ نقولا الترك بنحو خمسة آلاف مركب!

إضافة لهذا كان الشيخ حسن طوبار لديه مصانع نسيج القطن وعدد من المتاجر ومساحات شاسعة من الأراضى الزراعية وكان ينتسب لأسرة عريقة ترأست المديرية لسنوات طويلة لم يقف هذا الشيخ الوقور الثرى مكتوف اليدين وهو يرى الجيش الفرنسى الغازى يدخل مصر ويسيطر عليها وتهديد بونابرت بمصادرة أملاك المصريين فى القاهرة إن لم يسجلوها خلال 30 يومًا لملاك القاهرة و60 يومًا لسكان المديريات والأقاليم وأدرك أن هذه الخطوة تمهيدا لاحتكار الأراضى التى يملكها المصريون وتحصيل إيرادها بواسطة موظفين أقباط يشرف عليهم مفتشون فرنسيون فقرر مقاومتهم وبدأ يحرض أهالى القرى على عدم التسجيل وعدم الدفع والاستعداد لمحاربة قوات الجيش الغازى المحتل وجهز من ماله الخاص الأسطول البحرى وبدأ فى محاربة الفرنسيين فى البحيرة وأوشك على طردهم من دمياط.  حاول نابليون بعد أن أدرك قوة الرجل وسطوته على منطقة هامة فى البحر الأبيض المتوسط كفيلة بتمرير القوات العثمانية إلى مصر إذا ما اتفق العثمانيون مع طوبار أن يستميله!

أرسل له حاكم دمياط الفرنسى سيفًا مذهبًا كهدية باسم نابليون إلا أنه رفض الهدية وسخر من الجنرال الفرنسى ورفض لقاءه قائلًا للرسول لا أريد أن أرى فرنسيًا على أرض بلادى. ويقول عبدالرحمن الجبرتى الذى عاصر الحملة الفرنسية على مصر إن طوبار كان يشعل الثورة فى مصر وبدأ فى تجهيز أسطول كبير لمقاومة الجيش الفرنسى واتفق مع أهل دمياط بالتعاون معًا فى الهجوم على القوات الفرنسية هم من دمياط وهو  من المنزلة والتقى الجمعان فى «غيط النصارى» ثم ساروا إلى دمياط حيث شن الثوار هجومًا على الحامية الفرنسية فى 16t من سبتمبر عام 1798 واشترك  أهالى البلاد المجاورة فى الهجوم ونجحوا فى قتل عدد كبير من الفرنسيين فى تلك المعركة التى استمرت طوال الليل ولكن عدم تكافؤ السلاح والتنظيم كان فى صالح القوات الغازية. 

تراجع طوبار وقواته لقرية الشعرا وظل يقاوم إلى أن قرر نابليون تجهيز فرقتين بكامل عتادهما لشن حرب على الشيخ حسن طوبار وقاد الجنرال اندريوسى الحملة البحرية وقاد الجنرال دوجا القوات البرية وهزم الشيخ حسن طوبار وفر إلى الشام واستولى الجيش الفرنسى على قصوره ومنازله التى أدهشت بجمالها الفرنسيين، ولكن الشيخ حسن طوبار مات فجأة بالسكتة القلبية عام 1800.

الشيخ حسن طوبار هو الجد الأكبر للشيخ نصر الدين طوبار المنشد ذائع الصيت رحمه الله.