بين دعاة التجريف.. ومصرنا الكريمة!
اليوم.. أستطيع ـ بكل الفخر ـ أن أسجِّل باسمى اسمًا جديدًا أُطلقه على وطننا الغالى وترابه المقدس، وهو مصر الكريمة، لينضاف إلى قائمة الأسماء التى نشرُف ونعتز بها، ليكون إلى جانب المحروسة والبهيَّة والمعزيَّة والمنصورية، وأم الدنيا، وفى البداية كانت تُطلق هذه الأسماء على مدينة القاهرة وحدها، ولكنها امتدت لتشمل خريطة بر مصر بأكمله من أقصى الجنوب فى صعيد مصر.. إلى دلتاه الخصبة فى الشمال، وهى التى سُميت فى عصر الفراعين باسم (كيميت) بمعنى الأرض السوداء كدلالة على خصوبة الأرض المصرية التى يجرى فى وسطها نهر النيل كالأفعوان تحت شمسها الذهبية التى لا تغيب، وفى الحقيقة أنا ضد مقولة المؤرخ اليونانى هيرودوت: إن مصر هبة ـ أو هدية ــ النيل والصحيح والأقرب للحقيقة والتاريخ أقول: إن مصر المحروسة و البهية وأم الدنيا والكريمة، هى هبة المصريين العظماء الشرفاء بلا جدال!
ولكُم أن تسألونى: لماذا كان اختيارى لإطلاق اسم «مصر الكريمة» فى هذا التوقيت بالتحديد؟
ذلك لإيمانى الذى لا يتزعزع بأن القيادة السياسية لمصر الجديدة - وعلى رأسها القائد والزعيم الرئيس عبدالفتاح السيسى - حين أطلقت وعودها بالرخاء والنماء والتنمية، لم تكن تُطلق فقاعات ملونة فى الهواء بقصد اللعب على مشاعر الجماهير المتعطشة للإصلاح والتغيير والتقويم، ولكنها الجماهير الواعية التى آمنت بالقيادة الوطنية المخلصة التى وعَدَتْ وأوفت بوعودها، لتخرج بالجموع الغفيرة من نطاق «أسر» أسوار العشوائيات، تلك العشوائيات التى احتوت فى باطنها على كل موبقات الأرض من صنوف الفقر والجهل والمرض، إلى العالم الرحب الملىء بالنظافة والثقافة، والانتصار على كل الأمراض التى استوطنت أجسادهم وعقولهم ردحًا طويلًا من الزمن، والتمرد الإيجابى على سنواتٍ من الاستسلام والخنوع تحت مظلة دعاة «التجريف» لكل متطلبات الحياة التى تمنح للمرء الشعور والإحساس الصادق بالكرامة فى وطنه، والتمكن من الاعتزاز بتاريخه المجيد الذى يحاول الدخلاء والخوارج تدنيسه ومحوه من خريطة الحياة الآمنة، ليتمكنوا من التحكُّم فى مصيره ومكتسباته ومقدراته على طول الزمان!
لذا.. كان اختيار كلمة «حياة كريمة» رمزًا وشعارًا للمؤتمر الأول لتلك المبادرة العظيمة التى نادى بها الرئيس ــ وبانعقاده التفت الجماهير حول قائدها بساحة «استاد القاهرة» ــ لعمق اللفظ والدلالة المُشتقة من عبارات وتعبيرات اللغة التى تتلامس بمعانيها وحروفها وأهدافها مع كلمة «كرامة»، هذه الكرامة التى لم يتخل عنها المصرى منذ أقدم العصور، مهما تكأكأت عليه ظروف الحياة القاسية وفى أحلك عصور الاحتلال والمظالم والقهر! لقد بدأت الدعوة ليكون المؤتمر بهدف إحياء ما يسمى بالمشروع القومى لتطوير قرى الريف المصرى التى عانت طويلاً من الإهمال والتجاهل، ولكنها ـ للأمانة والرصد والتوثيق الصادق والأمين ــ امتدت المبادرة لتشمل ربوع الوطن المصرى طولًا وعرضًا وعمقًا، لتقوم الدولة بكل الاهتمام والرعاية والتخطيط والتنفيذ، لترسم البسمة على وجوه أهالينا فى كل أنحاء المدن والقرى والكفور والنجوع، لتصل ــ بنظرتها المستقبلية الثاقبة الحريصة على «نقطة المياه» ــ إلى القيام بتبطين الترع والقنوات والجداول، لتحقيق أعلى معدلات الحفاظ على المياه التى قال الله تعالى عنها فى كتابه العزيز: «... وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ...» (الأنبياء 30).
وإيمانًا منى بأن لغة الأرقام والمستندات والوثائق، هى خير دليل على مدى الصدق والجديَّة والالتزام، تعضيدًا وتعزيزًا بالرؤية على أرض الواقع، وتأكيدًا على تحقيق ما قال عنه الرئيس السيسي، فى مضمون كلمته بالمؤتمر حين قال: «كان تطوير الريف المصرى حلمًا يراودنى»!، وها هى لغة الأرقام ـ من مصادرها الموثقة ـ تقول: إن مبادرة «حياة كريمة» شملت تطوير (٤٥٨٤) قرية فى (١٧٥) مركزًا بإجمالى (٢٩٤٠٠) تابع بين «نجع وكفر وعزبة» من تدخلات مباشرة وغير مباشرة، تستهدف مناحى الحياة كافة، مع مراعاة الاستدامة وبتكلفة إجمالية بلغت (٧٠٠) مليار جنيه، وامتدت الرعاية لكل ما يخص البنية التحتية والتنمية البشرية والعناية بالرى والزراعة والتموين، وبناء الوحدات الصحية والمستشفيات المتطورة وتوفير سيارات إسعاف وسيارات مخصصة لعمل الأشعة والتحاليل الطبية التى تحتاجها الحالات الطارئة والسريعة.
كل هذا لم يكن ليتحقق إلا بإرادة من الرئيس السيسى، وبفضل السواعد الفتيَّة من شباب المهندسين والعمال والأطباء، مع الإيمان القوى الذى لا يتزعزع من صفوف وطلائع القوى الناعمة المصرية المتمثلة فى الأدباء والشعراء وأساتذة الجامعات، ومساندة حقيقية من الجماهير المؤمنة بتوجهاته الوطنية الصادقة، تلك التوجهات والأحلام القومية المشروعة التى تخرج بمصرنا «الكريمة» و«المحروسة» و«أم الدنيا» إلى آفاق المستقبل المشرق، لتتبوأ مكانتها وسط خريطة العالم مشرقه ومغربه.
ونحن مازلنا نطمع ونطمح فى المزيد من هذه المبادرات العظيمة، التى تصنع الحياة الكريمة للشعب المصرى، وتعطى القدوة والمثال لكل الطامحين للحياة الكريمة من شعوب الأرض حولنا، فما زالت مصرنا المحروسة هى المثال الذى يحتذى به كل أحرار الأرض شرقًا وغربًا.
أستاذ ورئيس قسم الإنتاج الإبداعى بأكاديمية الفنون