الأربعاء 22 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
الأعياد الوطنية.. وأغانى الفرحة

الأعياد الوطنية.. وأغانى الفرحة

«عيد سعيد» جملة قصيرة سريعة.. مقتضبة؛ تلك التى نرددها عندما يكتمل حساب الشهور والأيام، وجمال حسابها وارتباطها بدورة القمر؛ ولكنها فى طياتها تحمل الكثير من المعانى التى نرتاح فى ترديدها بشغاف القلب والروح والوجدان، ربما لأنها كما يقول اللغويون  جاءت من لفظ «عود» أى هى عبارة مختصرة شاملة لترجمة معانى التهنئة بالعودة للأيام المباركة وأنت بكامل الصحة والعافية والستر والسعادة القلبية.. ثم يأتى العيد فتراه يومًا ليس كالأيام، وترى نهاره أجمل، وتُحس المتعة به أطول، وتبصر شمسه أضوأ، وتجد ليله أهنأ، وما اختلفتْ فى الحقيقة الأيام فى ذاتها، ولكن اختلف نظرُنا إليها، نسينا فى العيد متاعبنا فاسترحنا، وأبعدنا عنَّـا آلامنا فهنِئنا، وسعِدنا بصحبة الأهل والولدان والخلاَّن والأحباب والجيران، وكل من يتمنى لنا ولقلوبنا أن ننعم بالخير والحب والصحة والسعادة الحقيقية.



وحين يجرفنا تيار الحنين والاشتياق الى زخم ورائحة أيام الأعياد بأيامه ولياليه وساعاته الهانئة _ خاصة الأعياد المرتبطة بطقوس وشعائر المناسبات الدينية والعقائدية _ وترقب اللقاء مع من سافروا أو هاجروا أو ابتعدوا لأسباب واهية من أسباب اختلاف وجهات النظر أو أية أسباب أخرى، ليقترب العيد ومع نسماته يزداد الأمل فى جمع شمل الأحباب والأصدقاء والأهل والخلان.

وسرعان ما تتداعى فى أركان الذاكرة العديد من الأشياء التى ارتبطت ببشائر قدوم العيد، خاصة العديد من الأغانى التى ارتبطت بقدوم صاحب البهجة والسعادة، وأشهر تلك الأغانى: أغنية «ياليلة العيد» لكوكب الشرق أم كلثوم، وهى التى ارتبطت بذكرياتها ونغماتها أجيال خمسينيات وستينيات القرن الماضى حتى يومنا هذا، ثم يأخذ الزمن دورته فى التجديد فى عالم الطرب والأغنيات؛ فتخرج علينا الأجيال الجديدة بالعديد من الأغنيات التى تزاحم بالأكتاف كل الأغنيات التى تربعت على عرش المغنى ثلة من السنوات..فظهرت بعض الأغانى التى استطاعت أن تصنع ذكريات جديدة وزخما مختلفا عما تركته أغنية السيدة أم كلثوم فى نفوس المصريين والعرب بصفة عامة، فذاعت أغنية: «الليلادى عيد» لياسمين الخيام؛ تبعتها المطربة صفاءأبو السعود بأغنيتها الشهيرة «العيد فرحة».. وغيرهما الكثير والكثيرات ممن حاولوا التعبير عن العيد وبهجته.. ومنهم من حالفه التوفيق، ومنهم من ذهبت أغنياته طى النسيان ولم تترك الأثر المطلوب فى أذهان المستمعين لأسباب عدة، كأن يكون عدم تطور اللحن أو الكلمات مع متطلبات الشباب فى عصر صفحات التواصل الاجتماعى وتراكم أغانى المهرجانات، تلك الأغانى التى باتت لاتمثل الشريحة المثقفة الواعية من الشباب، ولكنها استطاعت أن تسيطر على عقول الطبقة العاملة فى الأوساط الشعبية فقيرة الحال ماديا وثقافيا.

ولكننا الآن لدينا الطموح والأمل فى طبقة الشباب الواعى المثقف موسيقيا وعلميا لنستمع بإبداعاتهم للألحان التى تشبع رغباتنا فى الاستمتاع ببهجة الأعياد، يستوى فى هذا الأعياد الدينية أو الأعياد المرتبطة بانتصاراتنا فى التاريخ البعيد والقريب، ولتكون الفنون _ وفن الأغنية تحديدا _ هى المؤرخ الحقيقى لانتصارات الوطن وأعياده الدينية والقومية،لتكون ديوان المجتمع الحقيقى فى الرصد الصادق لكل الحوار والحراك فى الساحة الاجتماعية، ولتصنع التنافس الشريف مع الشعراء الذين يتفاخرون دائما بمقولة : الشعر.. ديوان العرب !

إننى لاأخفى عليكم سرًا حين أقول : إن الأغانى الحالية المنوط بها القيام بدورها الفاعل فى تشكيل الوجدان المصرى والعربى دينيًا وسياسيًا؛ لم تبلغ المستوى المطلوب من إنتاجها؛ ولم تستطع مواكبة أو مجاراة القفزات السياسية والقومية السريعة التى تقوم بها القيادة السياسية ومحاكاتها؛ وأصبح الاستماع إليها مجرد «سد خانة «ومجرد» هرطقات لحنية» تكاد تضارع وتوازى «طبول الحواة» فى حوارى مصرنا المحروسة قبل مجيء مُنشد الثورة «عبد الله النديم»! وما نستمع إليه اليوم من أغانٍ على كل المستويات؛ لا تعدو أن تكون بالفعل بالنسبة لأصحابها سوى «مُجرد سبُّوبة» مادية وشهرة بمثابة فقاعات صابون، ينتهى مفعولها بمجرد تبخرها فى الهواء!

لذلك أجدنى أهيب بالجهات المعنية ان تفتح الأبواب لإقامة مسابقات بين الشعراء خاصة الشباب منهم لكتابة الكلمات التى تعبر عن واقعنا الزاهر الحالى تحت القيادة السياسية الوطنية صادقة التوجه والحُب للوطن والمواطن؛ وأن تمنح الجوائز المادية والعينية لتشجيعهم على المثابرة ومواصلة الكتابة؛ فوجود الكلمات الشعرية الجميلة ستجد من يضعها فى القالب الموسيقى اللائق.. فالكلمات موسيقا.. والموسيقى كلمات.. والتغنى بها مولود فنى جديد يسعد به المتلقى ويتلقفه بزغاريد الاستحسان! 

كم أتمنى أن نستيقظ على ذيوع المزيد من الألحان الرائعة خاصة أغانى «الفرحة» المانحة للبهجة بالأعياد والإنجازات الوطنية.

وكل عام وأغلى اسم فى الوجود مصرنا المحروسة بخير وأمن وأمان وسلام.