الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا
البطل الجديد

البطل الجديد

ماذا سيحدث إن استيقظنا ذات يوم فوجدنا أن حجم كل منا قد تضاعف عشر مرات؟ فى الحقيقة إننا لن نشعر بهذا الفارق على الإطلاق ببساطة لأن النسب بين أحجامنا لم تتغير ونفس الشىء سيحدث إن استيقظنا ذات يوم وكان حجم كل منا قد انخفض إلى عشر الحجم الحالى.



المثال الخيالى السابق يوضح مبدأ مهمًا من مبادئ الحياة وعلوم الفلسفة والفيزياء أيضًا وهو مبدأ «النسبية» والذى وجدنا له صدًى كبيرًا فى نتائج امتحانات الثانوية العامة هذا العام والذى انتهت فيه المجاميع الكبيرة والتى كانت تتعدى حاجز الدرجة القوصى-100%- أحيانا حيث انخفضت بصورة كبيرة فعلى سبيل المثال انخفض الحد الأدنى للمرحلة الأولى فى القسم العلمى علوم من 97.6% فى العام الماضى لتصل إلى 88.4% هذا العام وانخفض الحد الأدنى لعلمى الرياضيات من 94.4% إلى 80% فيما انخفض الحد الأدنى للقسم الأدبى من 79.9% إلى 65.7%.

والسؤال هل يؤثر هذا الانخفاض فى أعداد المقبولين فى الكليات المختلفة؟ وهنا تأتى الإجابة بأن هذا الخفض العام لن يؤثر على الأعداد وعليه فإنه لا يجب أن ينزعج الطلاب وأولياء أمورهم مما حدث على الإطلاق ولكن تطوير التعليم لم يقتصر على أن تصبح المجاميع واقعية فقط فهذا أمر نسبى وشكلى إلى حد كبير ولكن التطوير الحقيقى تم فى تطوير المناهج واعتمادها على الفهم والتحليل والبحث مقارنة بالحفظ والاسترجاع ولهذا عدة أغراض منها ما هو مرتبط ببناء القدرات التحليلية وقياس معدلات الاستيعاب والفهم والذكاء مقارنة بقياس معدلات الحفظ حتى بدون أى فهم أو استيعاب أو أى قيمة حقيقية للعملية التعليمية نفسها بالإضافة إلى كسر شوكة مافيا الدروس الخصوصية والكتب الخارجية وخلافه وفى تقديرى أن ما حدث هو خطوة كبيرة فى طريق التطوير الحقيقى وإعداد الطالب العصرى المنافس عالميًا.

تتبقى إشكالية قديمة مرتبطة بكليات القمة-طب وهندسة- والإرث القديم من المفاهيم المرتبطة بأن تلك التخصصات هى الأهم وأن البطل الحقيقى هو خريج إحدى تلك الكليات وهى مفاهيم يجب أن تتغير ويجب أن يسمى طالب الطب أو الهندسة التقليدية بالبطل القديم ففى عصر المعلومات والشبكات ستميل العديد من المهن إلى الاندثار أو قلة الطلب عليها وإلى دخول تقنيات حديثة تقوم بنسبة كبيرة مما كان يقوم به البطل القديم.

البطل الجديد هو من يستطيع التعامل والعمل وفق أدوات العصر ومنها تحليل البيانات والذكاء الاصطناعى وإنترنت الأشياء والأمن السيبرانى وخلافه وهى مجالات يمكن بنظرة سريعة على المنتديات الدولية وتحليل للأسواق واحتياجات سوق العمل الدولية أن نكتشف ببساطة أن المستقبل لها وهو ما وعته الدولة المصرية وأفردت له العديد من الجامعات التكنولوجية الحديثة والعديد من البرامج للتدريب التحويلى لبعض من قوة العمل الحالية لاستخدام تلك التقنيات.

ولنأخذ الطبيب كمثال على هذا فطبيب الماضى يختلف كثيرًا عن طبيب المستقبل من حيث أسلوب العمل ومدى الاحتياج فلن تبقى الحاجة إلى الطبيب التقليدى الذى يقوم بالتشخيص وقراءة التحاليل وكتابة الدواء المناسب والمتابعة وإجراء العمليات الجراحية حيث سيتم فى المستقبل توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعى فى التشخيص وقراءة التحاليل ووصف الدواء والمتابعة وإجراء بعض العمليات الجراحية المتقدمة أيضا وعليه فإن الطلب سيقل بشدة على الطبيب التقليدى مفسحًا المجال للمبرمجين القادرين على تطويع التقنيات الحديثة لخدمة المجال الطبى.

ليس هذا هو المثال الوحيد فما سيحدث فى الطب سيحدث فى الهندسة والعلوم المالية والمحاسبة والبنوك والاقتصاد والبورصة والمحاماة وغيرها الكثير من المجالات.

ولا يقتصر الأمر على خريجى الكليات فقط بل رأينا نماذج كثيرة لخريجين تركوا مجالاتهم الأصلية وانخرطوا فى تقنيات المستقبل وبرعوا فيها بصورة مبهرة وبأعداد كبيرة فلا تترك نفسك عزيزى الشاب أسيرًا لصورة البطل القديم وأهلًا بك فى صفوف الأبطال الجدد أبطال المستقبل القريب.