الثلاثاء 30 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
هى جت عليَّا؟

هى جت عليَّا؟

هذه الجملة نرددها كثيرًا فى مواقف عدة وأغلبها مرتبط بأفعال غير سليمة نعزى أنفسنا بأننا لسنا الوحيدين الذين نقوم بها والحقيقة أن الأمر يجب النظر إليه من بعد آخر أكثر واقعية وسلامة وهو أن المجتمع مكون من أفراد متفرقين والمقصود بالمجتمع هنا المفهوم الصغير مثل الأسرة وصولًا إلى المفهوم الأشمل والأعم وهو كل أفراد الدولة.



أتذكر فى الثمانينيات من القرن الماضى إن التليفزيون المصرى كان يقوم بحملة مصورة للتوعية ببعض السلوكيات الخاطئة ومنها إلقاء الفضلات على قارعة الطريق وقد كان يقوم بهذا الأمر الفنان الراحل يونس شلبى الذى كان يرتدى جلبابًا ليعطى الانطباع بأنه شخص ريفى أتى إلى القاهرة وسار فى شوارعها إذ يجد سيارة مسرعة يقوم قائدها بإلقاء كيس كبير من نافذة السيارة فيلتقطه يونس شلبى ويركض خلف السيارة قائلا «يا أستاذ...يا أستاذ» وما أن يتوقف قائد السيارة حتى يبادره قائلا «الكيس ده وقع منك» فيرد عليه قائد السيارة قائلًا «دى زبالة يا جاهل» ثم ينطلق مسرعًا وهنا تقترب الكاميرا من وجه الفنان يونس شلبى الذى يختم المشهد قائلا «زبالة؟ وأنا اللى فكرت إن أنا جاهل».

بالطبع حملات التوعية مهمة وضرورية مع قوانين صارمة تطبق بحدة ولكن قبل هذا وذاك يجب أن ننظر إلى الأمر فى إطار آخر وهو أننا نكون المجتمع كله وأن عبارة «هى جت عليا» هى مجرد تبرير سخيف لإراحة ضمائرنا عندما نقدم على فعل مذموم كإلقاء القمامة فى الطرقات.

التفكير السليم يتمثل فى أن نتخيل أن كل سيارة مرت على هذا الطريق قد ألقت قمامة أيضا بغض النظر عن كميتها ولو حتى ورقة صغيرة ولنا أن نتخيل طبقًا لبعض الإحصائيات المنشورة عن أعداد السيارات التى تمر على الطرق يوميًا ففى إحصائية منشورة تشير الإدارة العامة للمرور إلى أن أعداد السيارات فى يناير 2019 وصلت إلى 170 ألف سيارة تستخدم الطريق الدائرى يوميًا و175 ألف سيارة تستخدم محور صلاح سالم و120 ألف سيارة تستخدم كوبرى 15 مايو فيما تستخدم نحو 220 ألف سيارة محور 26 يوليو يوميًا.

فإذا اتبعنا منطق «هى جت عليا» عند عبورنا محور 26 يوليو وتخيلنا أن كل السيارات العابرة عليه قد قامت بإلقاء ورقة واحدة فقط من منطلق أن هذا التفكير ليس حكرًا على فئة دون الأخرى فإن عدد الأوراق التى سنجدها فى يوم واحد ستصل إلى 220 ألف ورقة يمكن أن تشكل 733 كتابًا إن اعتبرنا أن متوسط عدد أوراق الكتاب الواحد 300 ورقة وإذا اعتبرنا أن الورقة صغيرة (نصف ورقة الطباعة A4) والتى تزن 5 جرامات فإن 200 ألف ورقة فى وزن 2.5 جرام للورقة فإن إجمالى الوزن سيصل إلى 88 كيلو جرامًا هذا بدون ذكر التكلفة والمجهود المطلوبين من شركة النظافة لجمع تلك الأوراق.

نفس المنطق يجب أن نستعمله فى باقى الأمور السلبية التى نعالجها بتلك الجملة الفاسدة «هى جت عليا» مثل  البصق أو الكتابة على كراسى وسائل النقل العام وغيرها الكثير من الصغائر التى نراها تافهة وغير مؤثرة.