الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
سباق الأرانب ومفهوم العزوة

سباق الأرانب ومفهوم العزوة

التصريحات التى أطلقها الدكتور محمد معيط خلال الندوة التى جرت فى «روزاليوسف»  الأيام الماضية تقول إنه لم يعد مقبولًا السكوت على ذلك الانفجار العشوائى فى السكان فقد تجاوزت مصر كل المعايير والمقاييس الإنجابية فى العالم وحسب تصريحات معيط فنحن نزيد 2.4  مليون سنويًا. 



هذه الزيادة السنوية تعادل تعداد دول قائمة ولها حكام وشرطة وجيش وعلم، وليس هذا الرقم الوحيد المفزع فى تصريحات الوزير الذى يدير مالية مصر بل الأخطر قوله إن هناك 74 مليونًا يستهلكون 90 مليار رغيف سنويا ويكلفون الدولة دعمًا 321 مليار جنيه.  الحقيقة الأكثر إيلامًا أن سكان القاهرة تخطوا الملايين العشرة والجيزة تقترب من نفس الرقم بينما القليوبية بلغت ستة ملايين  أى أن القاهرة الكبرى يكاد عددها أن يصل إلى ما هو أكثر من 25 مليون نسمة، وهذا هو الاسم الحقيقى للانفجار السكانى.

انتهى عصر «العِزوة» وانقضى زمن «الغَلَبَة» بعدد الرؤوس وولى العهد، والطفل الذى يخرج إلى الدنيا ومعه رزقه. وتعدت مصر مرحلة وفرة العيال لتصل إلى الإغراق والإفراط، وتتعداهما متجهة بقوة وثقة نحو فيضان الرؤوس التى يجرى ضخها بمعدل رأس كل 15 ثانية. 

خبراء معهد «بروكينجز» يتحدثون فى مقال بحثى عنوانه «سكان مصر: انتعاش ثم تعسر»، عن تغيرات المناخ والتداعيات الخطيرة على فقدان الأراضى الصالحة للزراعة تحت ضغط الزيادة السكانية وارتفاع مستويات البحر واستنزاف الموارد الطبيعية الشحيحة، بالإضافة إلى نهر النيل – شريان الحياة والإنجاب أيضًا – بمصر، الذى يواجه تحديات خطيرة أخيرة فى مصر بسبب سد النهضة. لكن مثل هذه الأحاديث مازالت بعيدة كل البعد عن فكر الغالبية من المصريين التى تدور دوائر اهتماماتها وأولوياتها وسبل حل طبقيًا، يتعامل المصريون خاصة فى الصعيد مع ملف الإنجاب باعتباره يتعلق بالفقر والجهل فى مقابل الرفاة والوعى. الطبقة المتوسطة المتضائلة المتقزمة – وهى أشد المتضررين من سباق الأرانب الدائرة رحاه - تخشى على نفسها أمام توغل وانتشار أبناء وبنات الطبقات الدنيا عدديًا، ومن ثم قيميًا وثقافيًا ويد عليا فى الشارع المصرى.

 فـ«العيال عزوة» فى الموروث الثقافى والشعبى. وعدم ضخ كم كبير من العزوة يتأرجح بين كونه انتقاصًا جنسيًا لفحولة الزوج وخصوبة المرأة، وتدنى مكانة اجتماعية لا سيما أن كثرتهم مصدرٌ للفخر والتيه. ويخبرنا الموروث أن كثرة العيال سند اقتصادى للأسرة، لا سيما حين يزيد عدد الذكور على البنات.. 

كما ارتفعت حرارة الفتاوى (غير الرسمية) أى غير الصادرة عن دار الإفتاء المصرية والمحرضة على المزيد من الإنجاب. ووصل الأمر بأحدهم إلى الرد على سيدة تسأل عم إذا كان عملها فى وحدة تنظيم الأسرة حلالًا أم حرامًا، بأنه «لو كان عملها لمنع الحمل نهائيًا أو خوفًا من فقر أو عدم قدرة على تربية الأطفال فهذا حرام، لأن الإسلام جاء بإكثار النسل لا بتقليله».

الانفجار السكانى عواقبه وخيمة والتدفق العشوائى من الجنوب والشمال خنق القاهرة تمامًا وهذا أثر كثيرًا على أخلاقيات الناس وسعة صدورهم وهو بالتأكيد وراء العشوائية فى بناء البيوت ووقوع الجرائم وتفاقم وتزايد حالات الفقر بين المواطنين، أتمنى حملات توعية للمواطنين فى المحافظات تدعو إلى الاكتفاء بطفلين اثنين ومعها حملة طرق الأبواب والتوعية المختلفة، مع العمل على استعادة دور المجتمع المدنى بهذا الشأن والاستعانة بمتطوعين لاسيما بعدما أعلنت وزيرة التضامن الاجتماعى الدكتورة نيفين القباج أن نسبة غير قليلة من الزوجات المصريات لم يتعرضن لأى رسائل خاصة بتنظيم الأسرة.