الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
التعليم.. من التخريب إلى التطوير (2)

التعليم.. من التخريب إلى التطوير (2)

توجد حالة من الإجماع العام لدى قطاع عريض من الشعب المصرى أن التعليم يحظى بأهمية غير مسبوقة، وأولوية قصوى فى أجندة الحكومة الحالية التى هى بالضرورة تعكس رؤية الرئيس عبدالفتاح السيسى الهادفة إلى خلق بيئة تعليمية مبتكرة تضمن تنافسية عالمية، وعدالة تعليمية، وتحقق مبدأ تكافؤ الفرص المنصوص عليه فى الدستور، وتلبى احتياجات سوق العمل الحالية والمستقبلية، وتواكب التطورات السريعة والمتلاحقة فى مختلف مراحل العملية التعليمية.



لا شك أن تعليم الأبناء يظل هو الهم الأكبر لدى الأسرة المصرية، يؤمن غالبية المصريين بأن الاستثمار فى التعليم هو أفضل وأجدى أنواع الاستثمار، كما أن الدولة المصرية  من جانبها تدرك بأن أفضل دعائم التنمية الشاملة ﻫو فى تطبيق ﻨظﺎم ﺘﻌﻟﻴمى متطور، وتؤمن كذلك بأن هناك ارتباطًا وثيق بين التعليم، وارتفاع مستويات المعيشة، وجودة الحياة، وارتفاع معدلات التنمية الاقتصادية،  لكن وبكل أسف فى العقود الأربعة الأخيرة، ما قبل 2013م، ضربت العملية التعليمية العديد من التشوهات التى انحرفت بها عن مسارها الصحيح، ألا وهو تشكيل الوعى العام، تعميق الهوية الوطنية، وترسيخ السلوك المنضبط للتلاميذ وفق منظومة القيم المشتركة التى ارتضاها وتعارف عليها المجتمع، هذا هو الدور الذى كانت تؤديه المدرسة إلى جانب العملية التعليمية الجادة والرصينة، قبل أن ينحرف بها بارونات الدروس الخصوصية عن مساراتها وأهدافها، فلما غابت المدرسة عن تأدية أدوارها، فقد المجتمع المصرى بعضًا من خصائص  شخصيته التى كانت تميزه عن غيره من الشعوب، وبات ابناؤنا فى جميع مراحل التعليم الأساسى أسرى لأفكار أولئك الذين لاهم لهم إلا تكديس المال على حساب مجتمع متعطش للتعليم ودولة تسعى للنهوض، فمن يراقب هؤلاء؟، ومن هؤلاء؟ وما هى الأفكار التى يبثونها فى رؤوس أطفال غض داخل غرف مغلقة، وسراديب مكتظة؟، ربما تفرخ لنا رتلا من الإرهابيين، أو الناقمين على المجتمع والدولة، لكنها بالتأكيد أفرزت لنا ولا تزال تفرز عقلًا جمعيًا فاقد القدرة على التفكير، فوجئنا به وشاهدناه جميعًا فى 25 يناير وما بعدها، تمثل فى قطيع جماعة الإخوان ومن على شاكلتهم ممن لم يتعلموا طرائق التفكير السوى، وإعمال العقل، كأنهم خرجوا لنا من مصنع واحد، لهم عقل واحد، هو عقل المرشد.

 الدروس الخصوصية آفة متفشية وظاهرة لا تهدد التعليم النظامى فحسب، بل تمثل تهديدًا «أقل ما يوصف به أنه خطير» لحاضر المجتمع ومستقبله، فهى ترسخ التلقين والحفظ، وتقضى على ملكات التفكير النقدى والابتكار والإبداع و الفهم والاستيعاب والقدرة على التحليل العلمى وغيرها من المهارات التى تشكل جوهر العملية التعليمية، وتهدر مبالغ طائلة من الدخل الفردى والقومى تذهب إلى جيوب بارونات الدروس الخصوصية، الذين يتقاضون  فى الأصل رواتب من الدولة ولا يذهبون إلى مدارسهم، (تشكل رواتب مجموع المعلمين  نحو 85% من إجمالى ميزانية وزارة التربية والتعليم طبقًا للدكتور طارق شوقى)، وطبقًا لإحصائيات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء التى كشف عنها قبل نحو عامين أن متوسط إجمالى إنفاق المصريين على الدروس الخصوصية بلغ نحو 47 مليار جنيه، تمثل 38% من إجمالى الإنفاق على قطاع التعليم الالزامى والجامعي. (للحديث بقية)