الأربعاء 8 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

نصاف بن حفيصة رئيسة أيام قرطاج المسرحية فى حوار لـ«روزاليوسف»: رئاسة «قرطاج» مسئولية تاريخية.. ونراهن على عودته رغم الفراغ السياسى

حوار - هند سلامة  



تعتبر أول سيدة تونسية تتولى رئاسة مهرجان أيام قرطاج المسرحية عام 2020؛ لكن لم يحالفها الحظ لإتمام هذه الدورة فى نفس العام الماضي؛ بعد اجتياح فيروس كورونا للعالم؛ والذى تسبب فى إيقاف وإلغاء معظم المهرجانات الدولية على مستوى العالم؛ تعرضت نصاف بن حفيصة لحالة من الإحباط لكنها أصرت على استكمال المسيرة والعمل على إتمام دورة هذا العام؛ حيث تجرى حاليا الاستعدادات على قدم وساق فى تونس لإطلاق الدورة العشرين من فعاليات أيام قرطاج المسرحية رغم كل التحديات الصحية والسياسية التى تواجهها تونس؛ عن دورة هذا العام وتلك التحديات الكبرى حدثتنا نصاف فى هذا الحوار:

■ توليت رئاسة أيام قرطاج المسرحية عام 2020 فى ظرف صعب؛ بالطبع كان لديك طموح لم ينجز بعد؟

- كنت أتمنى أن يكون إنجاز أيام قرطاج الدورة الماضية بفريق العمل معى وبإمضائي؛ لكن الكورونا ظهرت من أول السنة كنا فى حالة ارتباك شديد؛ ومع ذلك واصلنا العمل وقمنا بكل الاتصالات وشكلنا اللجان لفرز الأعمال المسرحية؛ وحجزنا القاعات لكن الفيروس كان يزيد ويتشكل ويتغير؛ واللجان العلمية فى تونس كانت تؤكد أن هناك خطرا داهما؛ ففى النهاية أيام قرطاج مهرجان الدولة ووزارة الثقافة؛ وليس مجرد مهرجان لكيان مستقل إذن كان القرار الأول والأخير يتخذ على مستوى الحكومة؛ من الوزارة واللجنة العلمية لمتابعة فيروس كورونا وتطوراته؛ هذا أكثر ما تسبب فى الإلغاء الظرف الصحى بالتأكيد؛ لكن السبب الأكبر كان الإلغاءات التى وردت علينا من الفرق الفنية المشاركة؛ لأن تونس فى تلك الفترة صنفت منطقة حمراء؛ هناك بلدان عربية اعتذرت وسفارات أكدت أنها غير مسئولة عن مشاركة أى فرقة من فرقها ضمن فعاليات المهرجان؛ وبالتالى فرغ من محتواه بجانب اعتذارات نجوم ومكرمين خوفا من الوضع؛ المهرجان يحتوى على الكثير من المشاركات المتنوعة؛ لا أتحدث هنا عن الكم لأن الكم لا يعنى قيمة المهرجان؛ من الممكن أن تشارك أعداد فرق منخفضة بينما يحافظ المهرجان على وزنه وقيمته بعدد أقل من العروض؛ لكن مع الاحتفاظ بوزنه وقيمته إضافة إلى ذلك الاتحاد الأوروبى فى تلك الفترة منع السفر إلى تونس؛ فضلا عن الإجراءات التى كانت تتخذها الحكومة؛ شبه ارتجالية؛ كان من الصعب معها تنفيذ فعاليات المهرجان خاصة فيما يخص إجراءات الحجر الصحي؛ هذه الدورة نقول أنه لابد أن ينطلق المهرجان لكن الوضع مازال ليس آمنا تماما؛ مازلنا نسجل ألف وألفي حالة فى اليوم أصبحنا نتعايش مع هذا الوضع؛ مقارنة بعدد السكان فى تونس النسبة مرتفعة جدا.

■ هل كنت تشعرين بالإحباط بعد إلغاء الدورة عندما أوشكت على الانطلاق؟

- لم أشعر بالإحباط لكن انتابنى شعور غريب بأننى سيئة الحظ؛ قلت إننى سيئة ولست طالع خير على المهرجان؛ حملت نفسى الذنب رغم أنه وباء عالمي؛ حتى أننا أقمنا تظاهرة صغيرة لمدة أسبوع للمسرح التونسي؛ لمساعدة هياكل الإنتاج فى تونس؛ التى ظلت لا تعمل لمدة عام ونصف العام إلى اليوم غير مسموح الوضع لم ينشط؛ قبل الافتتاح بأسبوع أغلقت الدولة التونسية كل الفضاءات والتظاهرات.

■ هذا العام قد تواجه الدورة الجديدة تحديات أصعب من الوباء بسبب أزمة الوضع السياسى فى تونس وتطوره مع الإخوان المسلمين كيف ستواجهين تلك التحديات؟

- بالطبع كل هذا يؤثر رغم أن لدى استمرارية الإدارة بالمهرجان حتى الآن؛ كنا نعيش أزمات ليس بسبب الإسلاميين فقط؛ لكن البرلمان كله باختلافاته السياسية كان لا يشعر بالشعب التونسي؛ كان منهمكا فى خلافات شخصية؛ ولا تعنيهم مشاكل تونس؛ عندما جمد الرئيس عمل البرلمان؛ استبشرنا خيرا؛ لسنا فى صراع سياسى لكن لدينا فراغ سياسي؛ نحن بدون رئيس وزراء؛ وكل الوزراء اليوم لتسيير أعمال الحكومة؛ ليس هناك رئيس وزراء جديد؛ وبالتالى عندما يأتى وزير جديد؛ لابد أن نعود إلى اللقاء معه؛ ونطرح عليه المشروع؛ ونطلب منه الوقوف مع المهرجان ودعمه؛ وهل سيواصل العمل معنا أم لا؛ نحن مطالبون بالاستمرار لأن الناس تنتظرنا داخل وخارج تونس؛ والرهان اليوم ليس فى خلق الجديد بالمهرجان؛ الرهان أن يرجع ويعود أيام قرطاج فى ظل الفراغ السياسى والوباء؛ الذى أثر على تونس والأزمة المالية؛ المهرجان ليس فى بحبوحة مالية كما كان من قبل؛ لأن تونس ليست فى ظرف عادى كما كانت أيام ازدهارها، الوضع العام يتطلب حكمة فى التصرف المالى وتسيير المهرجان؛ حتى ولو لم يتم بالبهرجة الكبيرة جدا؛ همى أن يعود مهرجان عربى أفريقى حتى ولو بـ50 عرضا لكن ناجح ويحفظ لأيام قرطاج وقاره وقيمته بالمزيد من الارتقاء لابد أن يعود ليدافع عن وجوده لا أدافع عن نفسي؛ لكن الجميع يعلم أننا فى ظرف استثنائي.

■ كيف ستتغلبين على كل هذه الأوضاع السياسية والصحية والمالية؟

- أولا أتجاوز الواقع فى ذهني؛ بمعنى أننى أبتعد عن التفكير فى النقاط والموجات السلبية؛ أخرج من فكرة أن الوضع غير سليم؛ أحاول الابتعاد وتجاهل هذه الطاقة السلبية؛ لأننا لابد أن نتقدم إلى الأمام؛ نحن نعمل كأن كل شيء يسير بشكل طبيعي؛ نعمل كهيئة فنية من أجل الفن والثبات والمسرح والإبداع؛ وتواجد المبدعين بيننا؛ كلفت بهذه المسئولية؛ إذا استسلمت للتفكير فى هذه الظروف لن أتقدم خطوة واحدة؛ كنت مكلفة من طرف وزير شئون ثقافية سابق؛ هذه مسئولية تاريخية سأعمل حتى يكون المهرجان موجودا قدر ما أستطيع؛ وأن يكون موجودا فى زمنه سنواصل العمل إلى يوم الختام وما بعد الختام.

■ ماذا عن الاستعدادات لاستقبال فعاليات الدورة الجديدة؟ 

- فى هذه الفترة نحن بصدد الإعداد اللوجيستى فى تأمين المسارح والحجز؛ أما الفرق فلا نعلم عنها شيئا حتى اليوم؛ لأن الترشح أغلق مؤخرا منذ أيام قليلة لا نعلم عن البلدان التى سيتم اختيارها سوف تبدأ لجنة المشاهدة فى اختيار العروض المشاركة؛ و بعد 20 يوما سيكون لدينا قائمة بالأعمال المختارة ثم نبدأ فيما بعد بالاتصال مع الفرق لن أتدخل فى عمل اللجنة مهما كان نوع المشاركين لم أطلع حتى على المترشحين للأمانة؛ هم يرفعون التقرير النهائى لى حتى أبنى البرمجة الرسمية والموازية.

■ هل ستحمل هذه الدورة أفكارا أو إضافات جديدة؟ 

- سوف نهتم فى اللقاءات والموائد المستديرة بالتوجه لشركات الإنتاج والمنتجين الشباب؛ نفتح حوارا حتى يتم فتح الآفاق أمامهم لأن العالم تغير؛ كورونا أثبتت أن هناك منصات أخرى للتواصل والبث يجب على كل منتج ومخرج مسرحي؛ وشركة حديثة ألا تكون كلاسيكية؛ بالاكتفاء بإنتاج وتقديم الأعمال على المسرح فقط؛ بل يجب أن يكتسح المسرح عوالم أخرى لأن اليوم البرمجة فى الدول بالخارج أصبحت تعتمد على مشاهدة العمل عن طريق منصات؛ وتجاوزنا مرحلة إرسال أسطوانة أو صور هناك منصة فى تونس اليوم تفتح لنا مجال مشاهدة أعمال مسرحية مصورة؛ الوضع تطور؛ أصبحت هذه المنصات تكتسح عالم المسرح وتنافسه؛ هذا الفعل الحى المباشر الكلاسيكى لابد أن يلامس التطورات الرقمية؛ لا ينصهر فيها بينما يوظفها لخدمته؛ حتى ينتشر خارج حدود الوطن وإلا سنبقى فى حدود الخشبة الموجودة فى محيطنا المحلى فقط؛ سيكون هناك ورش وندوات فى هذا المحور على وجه التحديد؛ كما لدينا عدة مسارات ضمن فعاليات المهرجان؛ المسابقة الرسمية؛ وعروض مسرح السجن؛ والمسرح العالمي؛ وقد يكون لدينا هذا العام مسار العرض الأول بمعنى أن يكون العمل المسرحى فى عرضه الأول ضمن المهرجان.

■ هل لديكم تطورات فى مسار مسرح السجون هذا العام؟

- فى الدورة المؤجلة كان هناك زخم كبير؛ للمشاركة ترشح وقتها 22 عرضا مسرحيا؛ وهو رقم ضخم وغير ممكن تأمين قاعات؛ كما لا نستطيع تقديم هذا الرقم؛ وبالتالى تم تأسيس مهرجان الأمل خاص بإنتاج مسرح السجون؛ المشاركون فى هذا الإنتاج كان لديهم شوق كبير للخروج وتقديم تجارب جديدة؛ أقيم مهرجانا خاصا بهم ورأينا أن أفضل العروض سيتم اختيارها للمشاركة ضمن فعاليات أيام قرطاج؛ ومن الممكن تنظيم زيارات لهم مع ضيوف المهرجان ونجومه لكن هذا سيتم تحديده مع وزارة العدل؛ لأن هناك قوانين ونظامًا لتنسيق هذا الخروج؛ خروجهم خارج الأسوار صعب للغاية وتحد يتطلب جهدا كبيرا وشاقا من وزارة العدل للتأمين.

■ باعتبارك أول سيدة تتولى رئاسة المهرجان هل شكلت هذه المسئولية عبئا عليك كامرأة؟

- كنت أول سيدة تتولى إدارة المركز الوطنى للفنون الدرامية بصفاقس؛ منذ أسست عام 1997 كل من أدار المكان رجال؛ ثم اليوم فى أيام قرطاج تمنيت أن يسعفنى الحظ بشكل أكبر وتنطلق دورة المهرجان؛ لكننى شعرت أننى سيئة الحظ؛ بينما فى نفس الوقت لا أضع نفسى أبدًا فى مقارنة مع رجل؛ أعمل دون النظر لكونى امرأة؛ لا أضع نفسى فى مقارنات وزملائى الرجال لم يشعروا للحظة بوجود أى مقارنة معهم؛ أهتم بإنجاز العمل والنجاح فى إتمامه على أكمل وجه دون وضع اعتبارات لأشياء أخرى؛ يهمنى ألا أكون إنسانة فاشلة؛ لأننى أحمل صورة المرأة التونسية المثقفة؛ أتمنى الدعم والمساعدة؛ وأتمنى أن نسند بعضنا البعض؛ لأننى فى وقت من الأوقات كنت سأنسحب لأن الوضع كان صعبًا للغاية؛ فكرت فى الانسحاب؛ جاءت فكرة الاستقالة لأن كل الأبواب كانت مغلقة؛ عدم الاستقرار والفيروس منتشر والوضع المالى كان سيئًا؛ أعرف أن أيام قرطاج عرس كبير؛ تونس تتغير بأجواء المهرجان شارع الحبيب بورقيبة يدب فيه النبض والحياة؛ تونس مستحقة للفرح وتنتظر الحياة بالمسرح والسينما والموسيقى؛ أتمنى أن تعود الحياة الثقافية كما كانت لأن المثقفين والمسرحيين تعرضوا لإرهاق نفسى ومادى كبير؛ فهناك ناس تعيش من الفن فقط. 

■ هل هناك خطة لمواجهة أى مستجدات بالوضع الصحى أو السياسى فى تونس؟

- فى هذه الحالة لن نتحدى الدولة أو الوباء؛ أتمنى ألا يحدث ما حدث العام الماضي؛ يكفى السنة الماضية تم إلغاء الدورة وهى على الأبواب؛ أتمنى ألا يتكرر نفس الموقف من جديد؛ أخشى من ذلك لا أفكر فيه أتجاهله وأهرب منه؛ لأن التفكير مفزع؛ أتمنى أن تكون دورة محترمة ومنظمة فى كل شيء.