الثلاثاء 30 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
متى أضع الكمامة

متى أضع الكمامة

أحمد الله كثيرًا على عدم مفارقة روح الدعابة لى حتى فى أحلك الظروف و أكثر المواقف تأزمًا وفى الحقيقة إنني أقيس مدى قدرتى على الاستمرار فى مواجهة الحياة بقدرتى على إلقاء «الإفيهات» وتذوق الفكاهة و التفاعل معها.



منذ عدة أيام كنت أطالع كتاب «الحجاج بن يوسف» لجورجى زيدان والذى وجدته مصادفة على موقع «هنداوى» لنشر أمهات الكتب بصيغة إلكترونية منمقة وهو موقع مجانى يحتوى على مئات الكتب المهمة فى مختلف المجالات للاطلاع والتحميل يرجى زيارة الموقع وعنوانه https://www.hindawi.org- وهى مبادرة ممتازة للنشر الإلكترونى من خلال مؤسسة هنداوى غير الهادفة للربح والتى يتواجد عليها حاليًا حوالى 2211 كتابا متنوعا. تذكرت الخطبة الشهيرة للحجاج عندما ولاّه الوليد بن عبد الملك على الكوفة والتى دخلها مع اثنى عشر رجلا من أتباعه حيث بدأ لدى دخوله الكوفة بإرسال من أمر الناس بالاجتماع في المسجد ثم دخل المسجد ملثماً بعمامة حمراء واعتلى المنبر فجلس وإصبعه على فمه ناظراً إلى المجتمعين في المسجد فلما ضجوا من سكوته وتعالت همهماتهم قام بخلع عمامته فجأة وقال خطبته المشهورة التي بدأها ناشدًا بيت الشعر الشهير :»أنا ابن جلا وطلاع الثنايا متى أضع العمامة تعرفونى» ومما قاله أيضا «أما والله فإني لأحمل الشر بثقله وأحذوه بنعله وأجزيه بمثله، والله يا أهل العراق إني لأرى رؤوساً قد أينعت وحان قطافها، وإني لصاحبها، والله لكأني أنظر إلى الدماء بين العمائم واللحى. «...إلخ.

روح الفكاهة تمثلت فى تخيل لو كان الحجاج مكلفًا بالولاية فى زمن الكورونا لقام بتغيير بيت الشعر قائلا «أنا ابن جلا وطلاع الثنايا متى أضع الكمامة تعرفونى»  تلك الكمامة التى ارتفعت مبيعاتها من 800 مليون دولار فى عام 2019 إلى 166 مليار دولار فى عام 2020 بفعل الإجراءات الاحترازية للوقاية من فيروس كورونا ولكونها الوسيلة الأكثر فاعلية فى الوقاية من هذا المرض اللعين.

تلك الكمامة العجيبة لها الكثير من المواقف الطريفة منها إننى قد التقيت بأناس للمرة الأولى فى أثناء الوباء ولذلك فإن كل لقاءاتى معهم كانت أثناء ارتدائها ...من تلك المواقف إننى قابلت شخصا ما صدفة فى أحد الطرقات فوجدته يرحب بى بحرارة وحاولت أن أتذكر من هو هذا الشخص ولكن كل محاولاتى باءت بالفشل حتى قام بارتداء الكمامة مرة أخرى فوجدتنى أتعرف عليه بسهولة وأعتذر له لعدم تمكنى من التعرف عليه من قبل.

الطريف أن الكمامة قد أتت ثمارها بالفعل فى تقليل الإصابات و أيضا فى تقليل العدوى والإصابة بالأنفلونزا العادية والتى كانت تنتشر خلال فصول الشتاء بصورة كبيرة وهو ما أعتقد أنه سيكون له أثر كبير فى استمرار استخدامها فى الأماكن المزدحمة بعد انحسار هذا الوباء قريبًا إن شاء الله.