الأربعاء 13 أغسطس 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
كيف يكتب التاريخ؟

كيف يكتب التاريخ؟

كثير منا لا يعرف كيف يكتب التاريخ أو من يكتبه لأن هناك مشكلتين رئيسيتين: الأولى، قد لا تكون هناك مصادر تاريخية متعلقة بما تريد  الكتابة عنه



والثانية، إذا وجدتَ الكثير من المصادر، فما الحاجة لتأريخ جديد؟ 

الإجابة عن المشكلة الثانية أمر سهل: قد يكون لديك هاجس شخصى تود البحث عن إجابة عنه ومن ثم مشاركة الآخرين جوابك.

لربما تود تأريخ مجتمعك قبل هيمنة التكنولوجيا وبعدها، وهو موضوع يهمك لأنك عايشت الفترتين.

من الصعوبة بمكان وضع تعريفٍ شامل. ولذا، لا مناص من استعراض تعاريف وصفية مختلفة لعلنا نقاربه من زوايا مختلفة. يقول هيرودوتوس أول من  كتب التاريخ والأبحاث التاريخية المتوافرة إن بحثه هذا توثيقٌ كى لا «تتلاشى الأحداث البشرية بفعل الزمن».

أى أن تأريخه مرتبط بتدوين ما جرى لكى تستفيد منه الأجيال القادمة.

يمكن القول إن التاريخ هنا مرادف للماضي. يقدم ابن خلدون مفهوًما آخر. فالتاريخ بالنسبة إليه فنٌّ ظاهره أخبار الأيام والدول وباطنه علم بكيفيات الوقائع. (مقدمة ابن خلدون

وهنا يتوقف التأريخ ليستريح... أو بمعنى أدق، هنا يتوقف التأريخ عند أقلام من كتبوه وكيف كتبوه، وما كتبوا منه، فالتأريخ مرتبط بشخصيات أكثر مما هو مرتبط بحقباتٍ وأزمنة.

فقد تعرض التأريخ لأكبر عملية تزوير على مدار حقباتٍ شاسعة على أيدى من كانت لهم السطوة عليه فى أزمنتهم وخاصة المنتصرين منهم ليدوّنوا ما شاءوا منه لا كما هو الواقع أو كما هى الحقائق.

لذلك تحتل عبارة «التاريخ يكتبه المنتصرون» مركزًا متقدمًا على قائمة الأقوال  الدارجة فى الأوساط الثقافية.

وكـذلك «الغرب عقلانى والشرق أسطورى»، أو«الموسيقى لا تقتل أحدًا»، أو حتى الجملة  التاريخية الأخرى «التاريخ يعيد نفسه».

تبدو العبارة واضحة ومباشرة؛ ليس التاريخ سوى ما يسطّره المنتصرون، ما يدوّنه المهيمنون،!

لا سبيل للحقيقة وسط كل هذا التزوير والتحريف، بل إن معرفة ما حدث بالفعل أمرٌ محجوب عنا، وليس لنا إلا تجاوز هذا التاريخ وتركه وراءنا.

إن أحد أبعاد التاريخ الرئيسية هو أنه محاولة لفهم الحاضر عبر فهم الماضى، إنه محاولة لإثبات أن ما نأخذه اليوم كمسلّمات  كان غير موجود نهائيًا فى ما سبق.

لا يمكن فهم التاريخ فعلًا دون امتلاك مخيلة تاريخية. أحد أسس هذه المخيلة إدراك أن التاريخ «يكتبه» الجميع، سواء كانوا واعين بذلك أم لا.