الثلاثاء 30 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
20 سنة إدارة (6)

20 سنة إدارة (6)

منذ عدة أيام جمعتنى الصدفة للجلوس أمام قفص به عدد من العصافير ذات الألوان المبهجة والأصوات البديعة ولأن خبرتى فى هذا المجال تقترب من الصفر فأنى قد بدأت فى طرح عدد من الأسئلة ومنها عرفت أنه يتم تمييز الذكر عن الأنثى من خلال لون المنقار وأن تلك العصافير ليست بالحجم الذى تبدو به, فالكثير من الريش المنتفخ يعطى انطباعًا غير حقيقى بالحجم, وأن هذا يمكن اختباره فى حالة الإمساك بالعصفور, وهنا يمكن التأكد من أن حجمه الحقيقى أصغر بكثير مما يبدو.



وهنا تذكرت المثل الشعبى البديع «ريش على مفيش» والذى يعبر بدقة عن حال هذا العصفور كما أنه يعبر عن حال الكثير ممن نراهم حولنا فى كل مكان وهنا رغمًا عنى وجدت الأفكار تتحرك فى مناطق مرتبطة بالإدارة ومواقفها الغريبة.

من أهم تلك المواقف عندما يأتى مديرًا جديدًا ليتقلد مهام الإدارة فى مؤسسة أو شركة لا يعرف أحد من العاملين بها وهنا يبدأ فى التعرض لأشخاص يقتحمون مكتبه عارضين إمكاناتهم الكبيرة واستعراض مدى الظلم الواقع عليهم من الإدارة السابقة ولأن المدير الجديد لا يعرف أحدًا وبالطبع يحاول أن يصل إلى أفضل النتائج فى أقصر وقت ممكن فإنه أحيانًا ما يتأثر بتلك المقابلات ويحقق لبعض من هؤلاء جزءًا مما يرغبون فيه أو على الأقل يبدأ فى إعطائهم فرصة لإثبات جدارتهم، وهنا وفى أغلب الأحوال يكتشف بعد مرور الوقت أن هؤلاء لم يكونوا صالحين على الإطلاق وأن المظهر الخارجى لهم ما هو إلا غطاء وستار يخفى ضعفهم المهنى وقلة مهاراتهم.

من المواقف التى عاصرتها أيضًا تلك المرتبطة بمفهوم «التطوير المؤسسى» بما يشمله من إعادة صياغة للرؤية والأهداف وأساليب العمل والهيكل التنظيمى وبناء القدرات وهو مطلب مهم وضرورى ولا يمكن لأى مؤسسة أن تتجاهله خاصة فى ظل هذا العالم المتسارع من حولها ولتحقيق ذلك تتجه المؤسسات إلى الاستعانة بمن يطلق عليهم خبراء تنمية الموارد البشرية والتطوير المؤسسى، أحد هؤلاء الخبراء أتى إلى إحدى المؤسسات فشرع فى انتقاد كافة الأوضاع القائمة وعقد جلسات استماع مع جميع المستويات الإدارية والتخصصات المختلفة بغية الخروج برؤية وأسلوب جديد للعمل يحقق للمؤسسة أعلى درجة ممكنة من الكفاءة والفاعلية لتحقيق أهدافها ولتصبح متميزة بحق.

الغريب أنه بعد مرور أكثر من ستة أشهر أعلن هذا الخبير عن انتهائه من إعداد خطة جديدة للتطوير المؤسسى فتم جمع كافة المديرين للاجتماع معه لعرض تلك الرؤية ولكن الشىء الغريب والمحبط أيضًا أن ما اقترحه لم يكن جديدًا على الإطلاق وحتى الأجزاء التى اقترح تغييرها أو تعديلها لم تكن صحيحة وتنم على عدم درايته الكلية بما تقوم به المؤسسة ولا عن كيف تدار الأمور المشابهة فى المؤسسات المتميزة, وهنا تذكرت نفس المثل الشعبى السابق الإشارة إليه وتركت القاعة مرددًا «كم من هؤلاء الخبراء مجرد ريش على مفيش».