الثلاثاء 30 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
20 سنة إدارة (7)

20 سنة إدارة (7)

فى نهاية الجزء الأول من مذكراته المنشورة بعنوان «الفاجومى» يحدثنا الشاعر أحمد فؤاد نجم عن أول مرة يتقابل فيها مع الشيخ إمام ، كان ذلك عندما صحبه سعد الموجى إلى حارة حوش آدم صعودًا إلى الدور الثانى فى مبنى متهالك وعندما دخلا إلى حجرة الشيخ إمام وجدا شخصًا مهيبًا –على حد تعبير أحمد فؤاد نجم- جالسًا إلى منضدة تحتوى مجموعة من الخواتم والأساور والحلقان الفضية والذهبية ويستخدم أنبوبًا رفيعًا للقيام بلحام تلك المشغولات من خلال النفخ فيه واستخدام اللهب الصادر.



قام سعد الموجى بعد ذلك بإلقاء السلام على الرجل المهيب فرد بألاطة على حد تعبير نجم وعندما قدمه سعد لنجم الذى بادره قائلا :«أهلا وسهلًا تشرفنا» فلم يقم بالرد على الإطلاق وهو ما دفع نجم إلى «احترامه أكثر» على حد تعبيره، استمر الشخص المهيب فى التعالى والغموض ثم صاح فجأة مخاطبًا الشيخ إمام قائلا: «أنا نازل يا إمام... عايز حاجة من الأرزخانة؟» وهنا اقترب منه نجم سائلا إياه أن يعيد الكلمة الأخيرة مرة أخرى فلما تيقن أنه ينطق لفظ «الأجزخانة» خطأ انفجر فيه بسيل من الشتائم والتهكم ساخرًا حيث قال: «إلهى لا توصل هناك ولا ترجع تانى بقى حابس دمى وملبش جتتى م الصبح وجاى دلوقتى تقولى أرزخانة؟»  وهنا انفجر الجميع بالضحك.

المشهد السابق يؤكد أهمية مقولة الفيلسوف اليونانى الكبير سقراط «تكلم حتى أراك» فكثير من مواقف العمل نرى فيها أناسًا مثل هذا الشخص المهيب والذى تأتى هيبته من غموضه وامتناعه عن الكلام ومن خلال لغة الجسد أيضا ولكن سرعان ما ينهار كل شىء عندما يبدأ فى الحديث فنجد كلامًا غير مرتب وغير منطقى وربما يحتوى على أخطاء كبيرة فى بديهيات صغيرة.

هذا الأمر أحيانًا هو ما يدفع بعض المديرين ًلى تجنب الحديث أمام جمع كبير أو إلقاء كلمة فى احتفاليات الشركة أو مؤتمراتها الخارجية عملًا بمبدأ «أن تصمت فيعتقد الجميع أنك حمار أفضل كثيرًا من أن تتحدث فيتأكدوا من ذلك».

والحقيقة أنه وبالرغم من طرافة هذا الطرح إلا أن تلك المشكلة كبيرة ومتكررة وللأمانة أيضا فإن لها أساليب للعلاج وللتقليل من الآثار السلبية المترتبة عليها منها على سبيل المثال التحضير الجيد والاستعانة من خلال مفكرة صغيرة للتذكير بأهم النقاط الرئيسية المطلوب الحديث فيها وأيضا عدم الاسترسال واستخدام عبارات واضحة ومحددة وقصيرة، أما الحديث فيما لا نعرف فإن الصمت فى تلك الحالات أولى وأوجب.