الثلاثاء 19 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا
فَمَا ظَنّكُم بربّ الْعَٰلَمين

فَمَا ظَنّكُم بربّ الْعَٰلَمين

استوقفتنى الآية 87 من سورة الصافات «فَمَا ظَنُّكُم بِرَبِّ الْعَٰلَمِين» وهو السؤال الاستنكارى الذى وجهه خليل الله سيدنا إبراهيم عليه السلام لأبيه وقومه فى معرض دعوته إلى الله ذلك السؤال الذى يفسره السعدى بأن من يجعل لله أندادًا وشركاء فإنه يظن بربه نقصًا يحتاج إلى ألهة أخرى لاستكماله كما يفسره البغوى وقتادة فى تفسير ابن كثير والطبرى بما يعتقده من يعرف الله ثم يتركه أن يكون فاعلًا به.



رب العالمين الذى حرم على نفسه الظلم وأمرنا بألا نتظالم وهو الذى يقسم بنفسه بأن فى السماء رزقنا وما نوعد وهو الذى يعدنا بالمغفرة والفضل فى مقابل الشيطان الذى يعدنا بالفقر.

هو الله الذى هو أرحم بنا من أمهاتنا وهو الذى قسم رحمته إلى مائة جزء أنزل فى الأرض جزءًا واحدًا فمن ذلك الجزء يتراحم الخلائق، حتى ترفع الدابة حافرها عن ولدها خشية أن تصيبه وأبقى التسعة وتسعين جزءًا الباقين ليوم القيامة ليرحم بها عباده حتى يتطلع إبليس لتلك الرحمة أن تصيبه.

هو الله الذى إذا تقربنا إليه شبرًا تقرَّب إلينا ذراعًا، وإذا تقرَّبنا إليَّ ذراعًا تقرَّب منا باعًا، وإذا أتيناه مشيًا أتانا هرولةً. لماذا نرتكب كبيرة اليأس من رحمته وغفرانه ونستمع إلى الشيطان وغوايته المدمرة.

كيف نعرض عنه وعما سنه لنا من مقاصد لشرائعه وهى كلها أمور تدعو إلى حفظ الدين والنفس والعقل والعرض والمال كما يعدنا بمغفرة وجنات عرضها كعرض السماوات والأرض أعدت للمتقين.

كيف نرفض إدارته للكون وتقسيمه للأرزاق ونعترض على المقسوم بل نترك مقام الرضا وما أعده الله للراضين ونجزع ونتجه إلى الاعتراض والشكوى لمن لا يملك من الأمر شيئًا بل تزداد الشكوى كلما قل الرضا وزاد الاعتراض والرفض ونأمل فيما عند الناس ونلح فى الطلب ونيأس مما فى يد الله ونستصغر خزائنه وما تحتويه من خيرات.

كيف نتوقف عن سؤال الله ونتجه إلى البشر فنسألهم فى ذلة وخشوع ونرجو رحمتهم وإنسانيتهم كما قال الشاعر الحكيم «لا تَسْأَلَنَّ بَنِي آَدَمَ حَاجَةً... وَسَلِ الَّذِى أَبْوَابُهُ لا تُغْلَقُ اللَّهُ يَغْضَبُ إِنْ تَرَكْتَ سُؤَالَهُ... وَبُنَيَّ آدَمَ حِينَ يُسْأَلُ يَغْضَبُ».

سؤال سيدنا إبراهيم مهم جدًا وواجب أن نسأله لأنفسنا كل يوم وكل لحظة... ألهمنا الله وإياكم صحة الإجابة وحسن المعرفة به وعنه.