الأربعاء 3 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
بالقطــارة

بالقطــارة

فى مجتمعنا الشرقى عندما يطلق الرجل زوجته فإنه يطلق الأبناء وكأنهم ليسوا من دمه ولا يحملون اسمه، وإن تنازل وأنفق يكون على مضض وبالقطارة، وكأن ذلك ليس من مهامه ولا من مسئولياته، فشهر يرسل مبلغًا بسيطًا كأنه يقطع من لحمه وشهور يتناسى ويتجاهل ويتعامل كأنه مريض أصابه الزهايمر، فلا يتذكر أن لديه أبناء يريدون أن يأكلوا ويشربوا ويلبسوا ويتعلموا ويذهبوا للطبيب، وهذه أبسط حقوقهم الآدمية، وغالبًا لا تأخذ المرأة فى كثير من الأحيان نفقة صغارها إلا بحكم محكمة، عندما تصل الاتفاقات الودية إلى طريق مسدود وباب موصود، ولا يحكم لها إلا بعد فترة طويلة بمبلغ لا يسمن ولا يغنى من جوع. انظروا إلى محاكم الأسرة، تجدوها تعج بسيدات كثيرات أصبح كل همهن فى الحياة هو أن ينصفهن القاضى بحكم يثلج صدورهن ومبلغ نفقة يمكنهن من الإنفاق على أبناء ليس لهم ذنب سوى أنهم يحملون أسماء آباء يملأ الانتقام قلوب وعقول بعضهم وليس كلهم إنصافًا وموضوعية، فلا تعمى أبصارهم بل تعمى القلوب التى فى الصدور، وبحسب دراسة للمجلس القومى للمرأة، فإن نسبة دعاوى النفقة تزيد على 70% من إجمالى الدعاوى المقدمة أمام محاكم الأسرة على مستوى الجمهورية، وفيما يتعلق بالشكاوى التى ترد إلى مكتب شكاوى المرأة بالمجلس فإن النفقة تتصدر القائمة، تليها الرؤية، ثم التطليق للضرر، ثم مكاتب تسوية المنازعات، وأخيرًا الخلع.



وفى الوقت الذى أقر فيه البرلمان بزيادة الغرامة الموقعة على الأزواج المتهربين من دفع النفقة إلى خمسة آلاف جنيه بدلًا من 500 جنيه لتصبح العقوبة الحبس مدة لا تزيد على سنة وبغرامة لا تتجاوز خمسة آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، كما تضمنت العقوبة تعليق استفادة المحكوم عليه من بعض الخدمات التى تقدمها الجهات الحكومية، إلا أن هذا وحده لا يكفى، حيث يتفنن بعض الآباء فى إخفاء الدخل الكلى الذى يتقاضونه مستغلين بعض الثغرات القانونية، فلا تحكم المحكمة سوى بمبلغ زهيد ويقدمون استئنافًا عليه ليقل أكثر وأكثر فماذا يتبقى إذًا لكى يتم الإنفاق على الأبناء فى زمان أصبح فيه الغلاء سمته الأساسية ويتخلل جميع جوانبه الحياتية اليومية.

تضطر الأم إما أن تضاعف ساعات عملها، لأنها بـ«البلدى» فى عرض مليم زيادة، أو تأخذ مساعدات من أهلها لسد احتياجات أبنائها المتزايدة، وتضطر أن تقيم معهم وتلغى خصوصياتها لأن ليس لديها سكن يوفره الأب طالما هى حاضنة كما ينص القانون، وعندما تستعيض عنه بدعوى قضائية لتوفير منزل زوجية يحكم لها بملاليم، والأدهى من ذلك أنها تجد صعوبة فى الحصول على هذه الملاليم!!

تحتاج أكثر من 2 مليون مطلقة إلى إعادة النظر فى أحوالهن بعد الطلاق، يحتاجن إلى قانون أحوال شخصية عادل ومنصف يضمن لهن حقوقهن المشروعة بعيدًا عن فلسفة «دوخينى ياليمونة» يحتاجن أن يعشن مع أبنائهن بعد الطلاق حياة كريمة فيها مراعاة لحقوق صغارهن فى المقام الأول، وكما قال رسولنا الكريم «كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَعُولُ»، فلا تعلم أيها الرجل الفذلوك أنك تضييع حقوق أطفالك بالامتناع عن الإنفاق أو التقطير فى العطاء وبذالك تعتبر آثمًا غير مأجور، أما علمت أن الله سائلك ومحاسبك على هذه الأفعال والتصرفات، وعند الله تجتمع الخصوم.