الثلاثاء 30 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
الواقعة

الواقعة

فى كل مرة أقرأ فيها سورة الواقعة أتذكر وأستحضر الفصل عندما كنا نقرأها فى المرحلة الابتدائية قبل أن تتحول مادة الدين إلى مادة «نجاح وسقوط» ولا تدخل فى المجموع وهو ما جعلنا ننصرف عن حفظ الآيات القرآنية فيما بعد.



فضل السورة عظيم كسائر الآيات وبالرغم من أن الحديث الوارد فى أن من قرأ سورة الواقعة فى كل ليلة لم تصبه فاقة هو حديث ضعيف إلا أن بعض العلماء يشيرون إلى إمكانية العمل بهذا النوع من الأحاديث فى فضائل الأعمال.

الآية تتعرض لأنواع البشر من حيث الإيمان والتصديق والعمل حيث تشير إلى أصحاب الميمنة وأصحاب المشأمة والسابقين المقربين وأصحاب اليمين وأصحاب الشمال مع توضيح لما أعده الله لهم.

استوقفنى الوصف الكمى لأعداد كل طائفة منهم فعند الحديث عن السابقين إلى فعل الخيرات فى الدنيا وهم السابقون لنيل الدرجات فى الآخرة تصفهم السورة بأنهم هم المقربون عند الله الذين أعد الله لهم جنة النعيم ويأتى فى وصفهم العددى أنهم «ثلة من الأولين» أى جماعة كبيرة من صدر الأمة أى فى الفترة الأولى لظهور الإسلام  ومابعدها ثم يستمرون فى التناقص وصولًا إلى أن يصبحوا «قليلًا من الآخرين» أى أن القليل منهم فى آخر الأمة تناقص تدريجيًا وصولًا إلى وقت قيام الساعة وهذا يتسق مع الحديث الشريف عن النبى صلى الله عليه وسلم حين قال: «خير القرون قرنى ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم».

أما المرتبة التالية فهى لأصحاب اليمين فهم ثلة من الأولين و ثلة من الآخرين وهنا يمكن تفسير ذلك بأن أصحاب اليمين منتشرون على مدار الزمن منذ بدء الدعوة وحتى قيام الساعة ويفسر البعض استخدام لفظة «اليمين» أو أصحاب الميمنة أى الذين يؤخذوا بيمينهم إلى الجنة عكس أصحاب الشمال الذين يؤخذون بالشمال إلى جهنم وبئس المستقر.

 يتصف أصحاب الشمال بأنهم كانوا يصرون على الحنث العظيم أى التكذيب وعدم التوبة من المعاصى والآثام وهنا نجد أن التعبير القرآنى لم يتعرض لوصفهم عدديًا وهل يتمركزون فى صدر الأمة أم فى آخرها وربما يكون ذلك كنوع من الجمال فى التعبير القرآنى يفهم من أن أصحاب اليمين هم «ثلة» فى كل الأوقات فعليه يكون أصحاب الشمال هم «قليل» وربما يكون قد تركهم بدون توصيف عددى تأكيدًا على مبدأ أن باب التوبة مفتوح لايغلق ما لم يغرغر العبد تصديقًا للحديث الشريف.