من حضر الجنازة؟
فى رائعة الكاتب الكبير وحيد حامد «معالى الوزير» يدور مشهد عبقري بين الراحل النجم الكبير أحمد زكى و«عطية عصفور» مدير مكتبه والذى دفعته أحداث الفيلم الى الاستماع الى الكوابيس المتكررة التى تأتى الى مديره و تصيبه بالأرق وعدم النوم.
بعد الانتهاء من وصف أحد الكوابيس والتى تنتهى بموت مديره والاختلاف على اجراءات دفنه مما أثار صخبا وضجة اثناء سير الجنازة، يأتى المشهد التالى والذى يدور فيه الحوار التالى:
- مش ملاحظ حاجة فى الكابوس ده يا عطية؟
- هو فظيع فظيع.
- لا غير أنه فظيع.
- قوة الملاحظة عند سعادتك أقوى يا فندم.
- أنت ما كنتش موجود... محضرتش الجنازة بتاعتى... مع ان انا مخليك دراعى اليمين.
- اه يا فندم انا ممكن فعلا ماكونتش موجود بس ده لأنى مت قبل سعادتك... مش معقول اكون موجود وماحضرش جنازة سعادتك ابدا يعنى.
وهنا يضحك الفنان احمد زكى بسخرية ثم يستطرد قائلا: «الله يجازى شيطانك... أنت شيطانك ياد انت عبقرى».
هذا المشهد يمثل ما نراه أحيانا فى الواقع: ليس على مستوى المدير والمرءوس فقط ولكن على مستويات عده فنجد أحيانا غيابا ملحوظا لأفراد فى جنازات لا نتوقع أن يغيبوا عن حضورها، أحيانا يكون لهم عذر وأحيانا أخرى يكون الأمر مجرد تكاسل او انتهاء للمصلحة مع المتوفى.
على الجانب الآخر نرى كثيرا الموقف المعاكس فنجد جنازات لمديرين تركوا العمل منذ سنوات عدة وأحيلوا الى المعاش مع ذلك نجد جنازاتهم مزدحمة بمرءوسيهم وتلاميذهم الذين تعلموا منهم على مدار السنوات وهنا نشعر بأن الدنيا لا تزال بخير وأن المعروف والعمل الصالح يبقيان.
أسعد كثيرا عندما أجد أن وصية المتوفى أن يتم الاقتصار على تقديم واجب العزاء على المقابر فلا إرهاق لأهله ولأحبائه فى إجراءات حجز قاعة للعزاء ولا مصاريف إضافية، أعرف البعض ممن أوصى بأن يتم اخراج المبالغ المخصصة لإقامة سرادق العزاء للفقراء والمحتاجين مثلما وجدت مؤخرا على شبكات التواصل الاجتماعى قيام زوجين حديثى الزواج بإخراج المبلغ المخصص لإقامة حفل الزفاف للغرض نفسه.
بالطبع الجميع حر فى أى يوصى بما يريد ويرغب ولكن التفكير فى الفقراء عند الموت وعند الفرح أمر فى غاية الإنسانية ويعطى بشرى جميلة بالرحمة فى الحالة الأولى وبالتوفيق فى الحياة الزوجية فى الحالة الثانية.