الثلاثاء 30 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
روابط مدمرة

روابط مدمرة

يشبه البعض استخدامنا المحموم لشبكة الإنترنت وتطبيقاتها المختلفة بشخص يحمل فى يده كيسا يحتوى على حلوى أو مكسرات حيث يقوم بالتقاط قطعة ويقوم بتناولها وأثناء عملية المضغ تمتد يده إلى الكيس لاستخراج قطعة أخرى يلقى بها فى فمه بعد انتهاء بلع القطعة السابقة واحيانا قبل أن يقوم بذلك.



المشكلة تحدث فى حالة تناول قطعة تالفة أو فاسدة أثناء عملية الأكل السريعة وهنا يشعر بمرارة ما يأكل وربما يقوم بالتخلص من كل ما يوجد بفمه، ثم يتوقف قليلا متفحصا وباحثا عن تلك القطعة المعطوبة ثم يتساءل كيف لم يتمكن من اختبارها قبل الأكل ثم يخرج بنتيجة مفادها أن ما حدث هو نتيجة السرعة فى التناول ومن ثم يصل إلى قرار إن عليه أن يخفض من سرعة التناول وأن يفحص الطعام قبل أن يقذف به إلى داخل فمه وهو قرار ربما ينفذه لدقائق معدودة قبل أن يعود إلى التناول المحموم مرة اخرى.

أمر مشابه نتعرض له أثناء إبحارنا فى شبكة الإنترنت بما تحتوى من منصات للتواصل الاجتماعى ومواقع للألعاب ولمقاطع الفيديو وأيضا برامج متعددة هادفة أو تافهة حيث نقوم بالضغط على الروابط (Links) بصورة هيستيرية لاكتشاف ما وراء هذا الرابط أو ذاك.

فى بعض الأحيان نجد أن الرابط لا يحيلنا إلى شىء أو إلى صفحة غير موجودة (Error 404) وأحيانا أخرى نجد ما نبتغيه ولا نعلم أن فى اغلب تلك الحالات - خاصة الحالة الأولى - فإن هذا الرابط قد احالنا إلى موقع تم من خلاله تحميل برنامج خبيث يسمح للمخترقين بالسيطرة على الجهاز بالكامل وامكانية أخذ نسخة من كل ما يوجد عليه من ملفات وصور ومقاطع فيديو وبيانات وأرقام التليفونات وخلافه كما يمكن لتلك البرمجيات التحكم فى الكاميرا والمايكروفون بدون علمنا وبدون أن نشعر بذلك على الاطلاق.

قد تؤدى البرمجيات الخبيثة إلى تأثير آخر مختلف حيث تقوم باتلاف كل الملفات الموجودة على الجهاز ـ المقصود هنا الحاسب الالى أو التليفون الذكى أو أحد الأجهزة المنزلية التى تتصل بشبكة الإنترنت مثل كاميرات المراقبة أو التلفاز- وربما أحيانا تقوم بتشفير الملفات المهمة وتمنع الوصول إليها أو استخدامها ثم تأتى الخطوة التالية فيتصل المخترق بالضحية ويساومه لدفع مبالغ مالية لكى يسمح بإتاحة الملفات له مرة أخرى.

ربما نشعر ببعض من الطمئنينة عندما تأتينا تلك الروابط من خلال بريد الكترونى من صديق أو من خلال لرسالة على أحد برامج المحادثة من شخص نعرفه وفى الواقع فإن الأمر لا يختلف كثيرا ودرجة الخطورة مرتفعة، جرب قبل أن تضغط على الرابط أن تتصل بهذا الصديق وتسأله هل قام بإرسال أى روابط اليك؟ فى الغالب ستكون الإجابة «لا» وهذا دائما ما يحدث فى حالة أن يكون جهاز هذا الصديق قد تم اختراقه بالفعل.

اتذكر فى عام 2002 أن اتتنى رسالة بريد الكترونى بعنوان «شاهد صور حفلتى» (See My Party Photos) من إحدى السيدات الفضليات فى العمل ولم أقم بفتحها ببساطة لأن تلك السيدة لا تعرف اللغة الانجليزية كما أنها من النوع المحافظ فلا حفلات  سمعت عنها من قبل بالاضافة إلى أن علاقة العمل بها كانت محدودة و تقريبا لم تكن هناك أى علاقة على المستوى الإنسانى وعليه فقد قمت بمحو الرسالة دون أن افتحها أو اضغط على الرابط.

الطريف فى تلك الواقعة أن قام البعض بفتح الرسالة والضغط على الرابط من باب حب الاستطلاع لمحاولة اكتشاف كيف تبدو تلك السيدة الوقورة فى حفلاتها الراقصة.