الثلاثاء 23 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
فاتن وشيرين

فاتن وشيرين

ما إن تقع الخلافات بين «زوجين» أى زوجين، وتتطور وتكبر وتخرج عن السيطرة ويكون الطلاق هو الحل، يكون المخرج الوحيد للتنفيس والتلقيح والتعبير عن الغضب والشعور بالندم وإطلاق اللعنات والشتائم على مواقع التواصل الاجتماعي، ليؤكد بما لا يدعو مجالًا للشك أن الحياة وقواعدها تغيرت تمامًا ليصبح الحفاظ على أسرار البيت والخصوصية «موضة قديمة»، والتباهى والتفاخر وكشف تفاصيل الحياة «عادة مجتمعية» فى ظل السوشيال ميديا، ليصبح شعار المرحلة هو «بلوك بلوك بلوك» وبالطبع فإن العصافير والمتطوعين ومدعين المحبة لن يتوانوا عن القيام بواجبهم المقدس فى نقل الكلام وإرسال الإسكرينات شوت ليزيد معدل التلقيح ويستمر فتيل  المشاكل مشتعلًا على أشده دون أن يخمد لحظة.



بعد المرور بتجربة الانفصال تتحول مواقع التواصل الاجتماعى إلى رفيق مفضل لاسيما للمرأة، ويظن كل طرف، بشكل خاطىء، أن هذه المواقع هى كل ما يحتاج إليه لتخطى تلك الفترة، فينشر بوستات التلقيح ويكتب تحتها  عبارات وكلمات من نوعية مقصودة، أو موجهة، أو إذا كان البوست على قد مقاسك ألبسه،  أو «اللى على راسه بطحة» وبالطبع لا أحد يعترف بأن على رأسه بطحة حتى لو كانت موجودة بالفعل.

فى بعض الحالات، لا يقع الطلاق من الأساس لكن النية تكون مبيتة، فيتم الإعلان عن الانفصال على السوشيال ميديا ويتبارى كل طرف فى تشويه صورة الآخر وإبراز ما بها من عيوب، ليرى العالم كله مبارزة من نوع مختلف، بطلها رجل وامرأة كانا يومًا «ستر وغطا» على بعضهما، كان كل منهما لباسًا للآخر، كان يربطهما ميثاقًا غليظًا، وما يتضمنه هذا الميثاق من حق الصحبة والمعاشرة، لتصبح مشاكلهما وأسرارهما على مرئى ومسمع الجميع، ليرى الجمهور المتفرج المواقف من على السطح دون الدخول والتعمق فى أى تفصيلة منها، ثم ينصب كل شخص نفسه مصلحًا اجتماعيًا أو أخصائيًا نفسيًا وقبل كل ذلك قاضى يطلق أحكامًا غير منصفة وغير عادلة استنادًا إلى اللقطة أو الموقف الذى بالطبع يكون خارجًا عن سياقه فيتم التأويل والتفسير حسب أهواء الشخص وتجاربه وخبراته وعاداته التى تربى عليها ونبتت فى شخصيته المتطفلة.

الطلاق من الأمور الشخصية البحتة ونصيحتى لكل سيدة ذاقت تجربة الانفصال أو فى طريقها إلى خوض هذه التجربة أن تأخذ إجازة من السوشيال ميديا، ولا تغلط نفس غلطة الإعلامية اللبنانية «فاتن موسى» طليقة الفنان مصطفى فهمى، ولا تنشر بوستات فيها تلقيح، ولا تسب ولا تعيب ولا تخطأ، وأن تتعامل برقى وتركز على حياتها الجديدة وتحدد أهدافها وتنشر إنجازاتها لتفخر بنفسها وتدع العالم يفخر بها وهذا حقها، فنموذج فاتن موسى يخسر فى النهاية، بعكس نموذج الفنانة «شيرين عبدالوهاب» الذى أؤيده وبشدة، فرغم انتشار أنباء شبه مؤكدة عن انفصالها عن زوجها الفنان حسام حبيب، لكنها تخرج لتنفى أو تؤكد، بل كان التجاهل سيد الموقف، لأن هذه أمور شخصية لا دخل لأحد بها على الإطلاق حتى وإن كانت شخصية عامة وفنانة مشهورة ولها جماهيرية عريضة، لكن هذا لا يبرر أن يتدخل شخص فى حياة الآخر، وتعاملت شيرين فى هذا الموقف الذى تحسد عليه بحرفية عالية، فلم تخرج لتشتم أو تهين أو تشوه صورة الآخر لكنها ركزت على نفسها وعلى عملها كفنانة وأطلقت أغنية وأعلنت عن إحياء حفل فى إحدى الدول العربية، رافعة شعار «من يعمل ليس لديه وقت للصراخ والبكاء والتلقيح و.....إلخ».

الزواج عقد سماه الله تعالى بالميثاق الغليظ، ويقتضى حسن المعاشرة بين الزوجين، فى حال استدامة العشرة، أما فى حالة استحالة العشرة والفراق بالطلاق فإن الله وضع مبادئ للانفصال ولإنهاء هذا العقد الذى سماه بالميثاق الغليظ، فإذا كانت المعاشرة إبّان الحياة الزوجية بالمعروف فإن التفريق والطلاق ينبغى أن يكون بالتى هى أحسن، مع استمرار كثير من المعاملات الأخلاقية الراقية ويزيد عليها؛ حيث قال تعالى: (فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ)، ومن المعلوم أن الإحسان أرقى درجة وأرفع مكانة من المعروف.