
محمود عبد الكريم
مجتمع الملائكة
هناك فئة من الشعب كما هى بقية الشعوب الناطقة بالعربية تعتقد أنه يجب أن نكون بأخلاق الملائكة، لا نخطئ ولا نغضب وطول النهار نحسن لبعضنا ولذا يجب أن نتجنب النقد لأنه رجس من عمل الشيطان الذى يتربص بنا وبتصرفاتنا ويدعونا دومًا للمعصية ويرى أننا شعب بلا هموم.. ليس لدينا مشكلات وكل حياتنا ضحك وسعادة.. طوال العام نتفرغ لصناعة باقات الزهور لنوزعها على بعضنا وعلى زوارنا.. نحن لا ينقصنا أى شىء.. شفاهنا لا تنطبق على بعضها لأنها مشغولة بتوزيع الابتسامات على كل من نصادفه.. وإياكم أن تصدقوا من يقول لكم إن لدينا مشكلة واحدة تستحق أن نناقشها ونطرحها أمام الإعلام لكى تطلع عليها الجهات المسئولة وتتكرم بحلها
على مواقع التواصل الاجتماعى عندما تنتقد فنانًا أو مطربًا أو نموذجًا فجًا كمغني المهرجانات تكون الردود أننا ممن يشوهون صورة المجتمع. ردود تأتى من فئة لا تعيش بيننا على ما يبدو.
نحن يا أيها السادة الملائكيون شعب مثل بقية شعوب الأرض، بيننا السعداء وبيننا الأغنياء، والفقير والمقتدر والمسكين، وفينا من يخلص فى عمله، ومن يريد أن يقبض راتبه من دون أن يكلف نفسه أى عناء، وبيننا من يريد أن يصلح نفسه والمجتمع، وبيننا من يقول أنا ومن بعدى الطوفان.
الحقيقة التى يجب أن نعترف بها إننا فى خير كثير ونعيش، والحمد لله، فى أمن وأمان، وفى ظل قيادة رشيدة وحكومة رسمت للدولة سياسة واضحة وشفافة، ولا نحتاج فى كل شاردة وواردة إلى أن نقول لهم شكراً لكم، فهم أكبر من كلماتنا وثنائنا. وحين نضع يدنا على مشكلة هنا أو خطأ هناك، لا نقصد أن «نعري» الوطن بصورة غير حضارية، ولا نهدف إلى تشويه وجه مصر أو صورتها، بل كل هدفنا أن نرتقى أكثر وأن نعمق الإيجابيات بتلافى السلبيات الصغيرة. وهذه هى الحياة وطبع الإنسان، من يعمل يخطئ، وفضيلة الفضائل أن يسعى الإنسان إلى تصحيح خطئه.. ودورنا ككتاب وصحفيين وكتاب توعية الناس أو إضاءة الحقيقة لهم. فلماذا تغضب تلك الفئة الملائكية التى ترانا شياطين من مقالاتنا وكتاباتنا
هل المطلوب منا أن ندفن رؤوسنا فى الرمال؟ لماذا عندما يكتب الكاتب حرصًا على الوطن ورغبة فى أن يكون أجمل يتبرع بعضهم لاتهامه وتجريحه
أعتقد أننا بحاجة ماسة إلى التخلص من عقلية تحاول أن تقنعنا بأننا مجتمع ملائكى بقدر حاجتنا إلى التخلص من مشكلاتنا. وللقارئ الكريم مقالاتنا وكلماتنا لا تتصيد الأخطاء وتحاول تضخيمها وإسقاطها على مجتمع بأكمله، نحن بيننا من نفاخر بهم ونعتقد أن مثاليتهم يتمتع بها غالبية المجتمع، لكن فى الوقت نفسه نحاول أن نتخلص من الأفكار البالية التى تعتمد لغة الشر فى إنهاء خصوماتها، وتعتمد التسويف فى تطوير ذاتها، ومنهم من تعود ثقافة الاستغلال بأى طريقة تحقق له رغباته، والأسوأ مما سبق من يحاول بكل قوته أن يوقف قطار التنمية وتوعية الفرد والمجتمع.