الثلاثاء 30 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
حدود التفاهة 1-2

حدود التفاهة 1-2

أثبت تفاعلنا على شبكات التواصل الاجتماعى خطأ ما اعتقدته سابقًا أن لكل شىء حدين-حد أقصى وحد أدنى-إلا أن ما يثار هذه الأيام بكثرة أكد لى أن التفاهة ليس لها حدود.



فالكثير مما يثار يندرج تحت مسمى «موضوعات تافهة» ولا أقول قضايا تافهة لأن تسمية تلك الأمور بمسمى «القضية» يضفى عليها هالة زائفة من الأهمية وبالرغم من تعدد مظاهر التفاهة إلا أننى أود أن أتوقف عند مظهرين رئيسيين.

أول تلك المظاهر هو الجدل والنقاش وتتبع الأخبار التافهة المرتبطة فى أغلبها بالشخصيات المشهورة والعامة فتارة نجد النقاش محتدمًا حول طلاق تلك المغنية أو ذلك الممثل والدخول فى تفاصيل حياتهم بصورة فجة والإدلاء بالكثير من الآراء التافهة العقيمة، أو يكون الحوار دائرًا حول أزمة مطربى المهرجانات مع نقابة المهن الموسيقية أو لتغيير أحد المطربين لبعض من كلمات أغانيه المزعجة أو كيف تم استقبال مغنى آخر فى بلدٍ عربى حيث تسير معه الكاميرا منذ لحظة استقباله فى المطار بحفاوة تفوق استقبال الفاتحين عند عودتهم منتصرين فى الحروب.

يشمل هذا النوع من «الهرى» قيام البعض باجتزاء خبر أو مشروع قانون وإظهاره بصورة مثيرة للجدل وللقلق لبعض الفئات ويكون مقياس النجاح أو ما يطلق عليه «التريند» Trend هو كم التفاعل من جمهور المستخدمين وهو ما تستخدمه شبكات التواصل الاجتماعى لأغراض تسويقية ناعمة وخفية.

ثانى تلك المظاهر ما هو متعلق بمن يطلق عليهم التيوتيوبرز youtubers أو التيك توكرز TikTokers وهم فى أغلبهم طائفة بائسة من الشباب-والشيوخ أحيانًا-والذين يقدمون تلك السخافات بغية الشهرة والانتشار وكسب المال معلنين عن بضاعتهم التافهة بأسلوب صحافة الإثارة التى تهتم كثيرًا بكلب عقره رجلٍ عن أخبار عقر الكلاب لمئات الرجال.

ما يثير الإحساس بالقرب والبؤس هو تصدير البعض لنفسه على أنه عالم بالدين أو بالسياسة الدولية ولكن بنظرة بسيطة لا تتعدى ثوانٍ معدودة يستطيع أى طفل صغير التأكد من سطحية و جهل صاحب هذا الفيديو ورقة حالته المادية و تدنى مكانته الاجتماعية أحيانًا.

المثير للأعصاب أيضا هو انتشار ما يطلق عليه «البوستات الموجهة» Directed Posts والتى تحاول غسل عقل المتلقى لتبنى فكرة معينة أو اتجاه أو إيديولوجية معينة ثم مع الوقت تكتشف صغر سن القائمين على تلك الأمور ولكنها شاشات الحواسب التى تمكن أى شخص تافه من الاختباء خلفها وادعاء المعرفة والحكمة وهو أبعد ما يكون عنها.

يأتى ذلك فى وقت يهتم فيه العالم المتقدم بالبحث العلمى والتطوير المؤسسى والذاتى ومناقشة قضايا عالمية فى غاية الأهمية مثل انتشار الأوبئة وتغير المناخ وغيرها من القضايا المصيرية التى تستطيع بجلسة صغيرة مع مجموعة من الشباب أن تتأكد أن تلك القضايا ليست على قائمة أولوياتهم على الإطلاق.

غدًا نكمل