التحول الرقمى ينتصر
بعد آخر لقاء قمة فعلى بين الرئيس الأمريكى جوبيدن ونظيره الروسى فلاديمير بوتن فى السادس عشر من يونيو الماضى بجنيف عاصمة سويسرا ربما لم يحدث تواصل بين الرئيسين إلا من خلال مكالمة تليفونية طويلة استغرقت قرابة الساعة فى التاسع من يوليو الماضى وكان محور الحديث عن التهديدات السيبرانية للأهداف والمصالح الأمريكية والتى طالب فيها الرئيس الأمريكى نظيره الروسى بضرورة وقف تلك الممارسات واستمرار التواصل حول هذه القضية وتبعاتها الخطيرة وأنه يتعين على الولايات المتحدة اتخاذ الإجراءات التى تراها ضرورية لوقف أية هجمات محتملة من الجانب الروسى فى المستقبل ومنذ ذلك التاريخ لم يتم الإعلان عن أى تواصل آخر حتى تم الإعلان عن تواصل بين الرئيسين فى السابع من ديسمبر بواسطة تقنية المؤتمرات المرئية Videoconference للتشاور حول المسألة الاوكرانية والتى تتلخص فى الدعم الروسى المقدم لمتمردين يحاربون الجيش الأوكرانى منذ عام 2014 والذى تصاعدت حدة هذا الصراع مؤخرا مع حشد قوات من الجيش الروسى يصل عددها إلى نحو 90 ألف جندى على الحدود مع وجود مخاوف من قيام صدام فعلى بين الجيش الروسى والاوكرانى وهو ما نفته الإدارة الروسية.
القضية ببساطة أنه نظرا لوجود حدود لدولة أوكرانيا مع دول تتبع الاتحاد الأوروبى فان التقارب الحادث واستعداد وطلب أوكرانيا للانضمام إلى حلف الناتو واستخدام أراضيها لوجود قواعد عسكرية للحلف يقلق روسيا إلى حد كبير هذا بالإضافة إلى موضوعات أخرى تتعلق بخطوط أنابيب نقل الغاز إلى أوروبا.
كل هذا دعا الرئيسين إلى عقد لقاء قمة افتراضى استمر لمدة ساعتين لبحث القضية والذى اعربت خلاله الولايات المتحدة الأمريكية عن قلقها جراء تصاعد الأزمة على الحدود الأوكرانية واحتمالية مهاجمة الجيش الروسى لها فى مطلع العام المقبل بحسب تقديرات الخبراء.
بدأ الاجتماع بمشكلة تقنية صغيرة تحدث كثيرا حيث بدأ الرئيس الأمريكى اللقاء متحدثا ولكن الطرف الثانى لم يسمع شيئا مما دفع الرئيس الأمريكى إلى البحث عن السبب ووجد أن المايكروفون الخاص به كان مغلقا، سرعان ما فتحه وهنا بدأ الاجتماع الذى استغرق ساعتين كما سبق الإشارة.
الجميل فى الأمر هو وصول تقنيات التحول الرقمى إلى أعلى مستوى فى العالم بحدوث أول قمة أمريكية روسية من خلال تقنية المؤتمرات المرئية، لا استطيع أن اتصور كم من الوقت والتكلفة والاستعدادات الأمنية كان سيستغرقه الأمر أن تم اللقاء بالأسلوب التقليدى من خلال الاجتماع وجها لوجه.
ما حدث هو تأكيد أن عالم ما بعد كورونا لن يكون بأى حال من الأحوال كما كان قبلها وهوما يفتح المجال إلى اعتماد تلك التطبيقات فى الكثير من الأنشطة المهمة وعلى أعلى مستوى أيضا.